د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** بالرغم من عمر صاحبكم الإعلامي الذي فاق ثلث قرنٍ، فإنه لم يغشَ مكتب وزيرٍ أو نائب وزيرٍ، ولا يذكرُ غير مرة أو مرتين قاده اجتماع أو اثنان إلى مكتب وكيل وزارة، بل إنه لو عدَّ المكاتب الرسمية التي دخلها - خارج عمله في معهد الإدارة - فلن تبلغ أصابع يدٍ واحدة، وبالرغم من أنه عايش مجموعة وزراءِ إعلام خلال تعاونه مع الإذاعة الذي انتهى عام 2000م ، ومع الصحافة حتى ساعة كتابة هذه الكلمات فلم يحظَ بمهاتفاتٍ أو لقاءاتٍ خارجية معهم تستحق الإشارة، غير أن معالي السيد إياد أمين مدني تواصل معه بوسيط؛ فمرةً بعث إليه في منزله مسؤولًا كبيرًا في التلفزيون يطلب منه الإسهام بإعداد وتقديم برنامج تلفزيوني، وأخرى كلف مسؤولًا في الإعلام الداخلي لشراء نسخٍ من كتيّبه ( من حكايات الشيخ عبد الرحمن السعدي)، واعتذر عن الأولى ووافاهم بمئة نسخة - إن لم تخنه الذاكرة من الثاني - ولم يعتد عرض كتبه أو أخذ قيمة مقابلها عدا مرةٍ يتيمة من ناشر وطني وأخرى عبر ناشر عربي سوَّق كتابه ( فواصل في مآزق الثقافة العربية).
** هذه التوطئة مهمة لأن معالي السيد أمين لم ينقطع عن التواصل بمبادراتٍ منه - أعزّه الله - مهنئًا بمناسبة، ومعزيًا بأخرى، وداعيًا إلى ثالثة، ومهديًا كتابه الأخير: ( من بلاط صاحبة الجلالة ) ، وقبله (سن زرافة) بالرغم من تقصير صاحبكم بحقه وصلًا بإهداء أو تواصلًا بإمضاء أو استجابةً لمشاركة، وكذا ظلَّت علاقتُهما « عن بُعد» مع الثقة بالوُدّ، موقنًا أن السيد إياد - كما غيره من الأصفياء - لا يحسبون الرابطَ بمعايير التزاور والتهاتف، ووعوا من صاحبكم أو عنه نأيه عن الشكليات والمجاملات، وبخاصة مع ذوي الكراسي والأماسي ماداموا يعتلونها ويتصدرون الحضور فيها.
** أما كتابه هذا الذي أهداه إلى صاحبة جلالة لم يعد لها الجلال ولا التاج - كما قال في تقديمه - فإنه يحكي موقف الكاتب وثقافته ومهنيته، ومن يتوقع أن الأستاذ إياد قد أجرى حوارات مع «كورت فالدهايم وتورغوت أوزال وجيمس بيكر وضياء الحق وقلب الدين حكمتيار»، وناقش غازي القصيبي وأسامة عبد الرحمن وعبد الرحمن المنيف ورياض نجيب الريس ونبيل خوري وجلال كشك وعزيز ضياء وجيمس بولدون، كما دخل في سجالات حول المال والأعمال والسعودة والتنمية الاجتماعية، وموضوعات أخرى في ثلاث مئة صفحة ثرية تستحق القراءة بل والاستقراء، ولعل قادم أيامه تأذن له بكتابة سيرته الممتدة في مؤسسات وشركات ومنظمات ووزارتين، وقد يجيب فيها عن استفهامٍ مهمٍ ما يزال منتصبًا حول رؤاه في إلغاء انتخابات الأندية وإعادة تكوين مجالسها بالتعيين وهو المثقف الديموقراطيُّ الأصيل.
**ونثق أن سيرته الممتدة ستجل هذه القضية وغيرَها؛ فما كان السيد إياد ابنُ مؤرخِ المدينة العالم «أمين» ورائدةِ الكتابة السيدة «نثار» رقمًا يمكن عبوره بله تجاوزه؛ فللإهداء شكر خاص، وللكتاب قيمة عامة، ولما سنقرؤه لاحقًا ترقب بل تلهف.
** التقدير قد يتأخر.
... ... ...
* الكتاب ص 300