عندما كنت أغلِّف كتبي، لإرسالها إلى المكتبة العامة بمحافظة بيشة كان داخلي يرتعش، نعم يرتعش، فكلماتي وفكري سيذهبان إلى مكان له وجود مختلف في داخلي، ومرت بي ذكريات عندما وقفت عام 2007، وتأملت حال المرأة في المحافظة الذي لم يعجبني (الركود)، وكانت المغامرة الجريئة تأسيس ملتقى ثقافي لتعزيز الثقافة، تلك الفترة كانت فترة الظلام الفكري، فترة الموتة (الصحوة) المقيتة.
وكانت صفعة قوية للمتطرفين.
وبدأت في إرسال خطابات للجهات المعنية وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، واتتني الموافقة والتشجيع. وتم الحلم الصغير، فكان أول ملتقى ثقافي خاص في منطقة عسير ولكن ليس بـ(نسائي)، ونجحت في أن يكون في المكتبة العامة، ولأول مرة تدخل النساء المكتبة التي حرمن منها لأكثر من ثلاثين عامًا.
وأتى مساء الافتتاح الأربعاء 28 شعبان 1427 (الأربعاء التاريخي للنساء) في المحافظة، كما وصفه أحد الأصدقاء الجميلين، لتكن أول أمسية تنطلق منه أمسية شعرية وطنية حملت عنوان (عطر المشاعر)، كان الحضور كثيفًا جدًا، وضجت المحافظة، ومنطقة عسير والصحف والمنتديات بخبر الملتقى، حيث نشر مؤسس منتدى بيشة نت، الزميل الراقي محمد الصعيري خبر الأمسية بفرح.
وحمل ذلك المساء البهيج مداخلة هاتفية مباشرة للكاتب الأنيق تركي العسيري. والتقت نساء وفتيات المحافظة تحت أغصان الكلمات والفكر.
هل قلت كان داخلي يرتعش!.
وبعد سنوات، ها هي إصداراتي مع (صوري ) بكبرياء تدخل مبنى المكتبة عبر بوابتها الكبيرة التي فتحتها ذات يوم للنساء، وتعبر البهو الذي زينته أيادي صديقتي الجميلة صفية بالورود.
وصلت كتبي إلى المكتبة الأسبوع الماضي، أرسل لي مدير المكتبة الأستاذ نواف مشكورًا، تغريدة مصورة عنها، دمعت عيناي ولكني تأكدت أن الأعمال الجميلة ستزهر ياسمينًا ولو بعد حين.
لتبقى كلمات محبة لكل من وقف معي لأجل زراعة زهرة صغيرة لفكر تنويري في محافظة صغيرة أسميتها حبًا (بيشة الفيحاء)، أحببتها بطريقتي، ولي فيها بعض أحبة، وذكريات، وبريق أمنيات دافئة.
** **
- تركية العمري