د. محمد عبدالله الخازم
لكل مهنة يومها العالمي الذي تحتفي فيه، بالتعريف بإنجازاتها والتثقيف بمكوناتها وخدماتها وتدارس أوضاعها. ويوم 27 أكتوبر هو اليوم العالمي لمهنة العلاج الوظيفي، وهي من المهن الصحية التي تأخر دخول تعليمها في المملكة كثيراً حيث يقدر عمر أول برامجها بنحو عشر سنوات فقط. وقد بدأت ثلاثة برامج لتعليم المهنة في أوقات متقاربة في كل من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية وجامعة الأميرة نورة وجامعة الملك سعود، ومن ثم بدأ يتكون مجتمع المهنة، وقد أسس أهل المهنة جمعيتهم العلمية السعودية كمظلة مهنية تجمع المتخصصين. على أن ذلك لا يمنع القول بأن هناك كفاءات ذات خبرات أطول تعلمت خارج المملكة قبل بدء تعليم المهنة في المملكة. وكأي مهنة جديدة يبدأ تعليمها تكون صعوبات البدايات في توفر المناهج المناسبة وفي توفر الكفاءات التدريسية المناسبة وتوفر مفاهيم التدريب العملية وفهم طبيعة الوظائف، وكل جامعة بدأت بطريقتها في هذا الشأن، ففي جامعة سعود الصحية مثلاً، تم الاستعانة بمناهج من جامعة أوكلاهوما الأمريكية وأساتذة من الخارج يدعمهم خبراء المهنة والمهن المساندة من مدينة الملك عبدالعزيز الطبية...
الإشكالية العلمية التي واجهت البدايات هي اختيار النموذج التعليمي الذي تسير عليه المهنة، ففي شمال أمريكا (الولايات المتحدة وكندا) لم تعد مهنة العلاج الوظيفي تخصصاً يدرس بعد الثانوية مباشرة وإنما يدرس كمرحلة ماجستير وهذا الأمر لا يروق للجهات التعليمية السعودية، حيث النظرة السائدة لجميع تخصصات العلوم الطبية بأنها يجب أن تكون لمرحلة البكالوريوس. بل إنه حتى لجان معادلة الشهادات قامت بمعادلة شهادات ماجستير العلاج الوظيفي من شمال أمريكا بالبكالوريوس في بعض الحالات حيث البرمجة التقليدية والقاصرة للنظر للتخصصات بأنه لا ماجستير بدون بكالوريوس في نفس التخصص وبحكم عدم استيعاب مفهوم الماجستير كمدخل لممارسة المهنة، أي مهنة. عموماً، النموذج الأوروبي ما زال على حاله في النظر لتخصصات العلوم الطبية، لكن المؤسسات الصحية السعودية بالذات الكبرى منها تفضل النموذج الصحي لشمال أمريكا. وهنا التناقض يرغبون النموذج الخدمي الطبي لشمال أمريكا ويقاومون النموذج العلمي للطب والعلوم الطبية لنفس الدول!
بحكم حداثة التخصص هناك إشكالية توفر الوظائف حيث جهات التوظيف لا تدرك، بعد، طبيعة وهوية التخصص وكونه يختلف أو يتمايز عن تخصصات تأهيلية أخرى، وقد اعتادوا اجتهاد المتخصصين في العلاج الطبيعي أو غيره للقيام بمهام هي من صميم تخصص العلاج الوظيفي. كمجتمع تزداد فيه حوادث السيارات وأعداد المسنين والأمراض المسببة للإعاقات بأنواعها، نحن بحاجة لمزيد من وظائف العلاج الوظيفي. العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي يشكلان عمودي التأهيل الطبي ويتكاملان في الأداء؛ العلاج الطبيعي يهتم بتحسين وظيفة الجزء المصاب والحركة. والعلاج الوظيفي يهتم بتحسين أداء الوظائف اليومية الكلية للمريض/ المصاب قدر الإمكان بما يقود لاستقلاليته في أدائها، من لبس وشرب وأكل وقيادة وطبخ وكتابة وغيرها بما يتكيف مع الحالة النفسية والاجتماعية.
شباب وشابات العلاج الوظيفي، ما زالت مهنتكم في بداياتها محلياً، نريد أن نسمع صوتكم وترسيخ صورتكم المهنية المتميزة، ولكم منا نحن السابقين في تخصصات العلوم الطبية كل الدعم والمساندة.