د. خالد الشرقاوي السموني
فقد العالم رجلاً عظيمًا وحكيمًا من طراز فريد بوفاة سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه. فالمغفور له يمتلك تاريخًا طويلاً من العمل السياسي والدبلوماسي، وهو معروف عالميًا في هذا المجال على المستويات الإقليمية والدولية كافة. لقد فقدنا قائدًا سياسيًا مشهودًا لها بالحكمة والرؤية الإستراتيجية الثاقبة، وكان حريصًا أشد الحرص على أمن واستقرار وتنمية العالم العربي والإسلامي.
ففي عهده حفلت مسيرة دولة الكويت بالعديد من المبادرات والمواقف الإنسانية التي أسهمت في ترسيخ السلام ونشر ثقافة العمل الإنساني والتسامح والتعايش بين الديانات، وترسيخ مفاهيم التعاون الدولي وتحقيق السلام والأمن الدوليين.
وبفضل القيادة الحكيمة للشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح -طيب الله ثراه- استطاعت الدبلوماسية الكويتية الهادئة أن تترك بصماتها الواضحة بشكل بارز في المجالات الإنسانية. فقد كانت الكويت دائمًا سبَّاقة إلى تقديم العون والمساعدات لكل الدول التي تتعرض للأزمات والكوارث الطبيعية والقيام بأعمال خيرية للمحتاجين والمتضررين في شتى بقاع العالم، ما أكسبها شهرة كبيرة، وهو ما دفع الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون إلى تتويج تلك الجهود بتسمية الكويت مركزًا للعمل الإنساني، وإطلاق لقب قائد العمل الإنساني على المغفور له الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
ذلك الرجل العظيم الذي سيخلده التاريخ لتميزه بنهجه المعتدل ودوره البارز إقليميًا وعالميًا، حيث كان من أبرز القيادات السياسية المشهود لها بالحكمة والرصانة. وكان حريصًا على أمن واستقرار وتنمية دولة الكويت التي حققت في عهده قفزات تنموية كبرى، وترك إرثًا سياسيًا وإنسانيًا ثمينًا وبلدًا مزدهرًا ومستقرًا وآمنًا، كما أن جهوده المخلصة في خدمة قضايا المنطقة وأعماله الإنسانية الجليلة أهلته لينال ذلك اللقب من قبل الأمم المتحدة.
فلقد لعب الشيخ صباح الأحمد الجابر الأحمد -طيب الله ثراه- دورًا بارزًا في نشر ثقافة السلام وتحقيق الاستقرار والأمن في العالم والدفاع عن قضايا الأمة العربية والأزمات بمنطقة الخليج على الخصوص، بحيث أنه رسَّخ ما سُمِّي بمدرسة الكويت الدبلوماسية القائمة على المعادلة الذهبية (الدبلوماسية السياسية والاقتصادية والإنسانية). ومما ساعد على ذلك، بطبيعة الحال، حظوة المغفور له بمكانة مرموقة على الصعيد العربي والدولي، إذ يرتبط اسمه بالعديد من الألقاب مثل القائد الحكيم، ورجل السلام، وأب الدبلوماسية، وقائد العمل الإنساني، وذلك لما قدمه للإنسانية جمعاء من المبادرات الجليلة والمساعدات العديدة، حيث يعتبر من أقدم الرؤساء الذين شغلوا مناصب سياسية رفيعة المستوى، ما منحه خبرة كبيرة وواسعة وكمًا هائلاً من العلاقات والصداقات استثمرها في حل الكثير من الخلافات وإدارة العديد من الأزمات، وهو ما منحه تقديرًا خاصًا ومكانة مرموقة بين ملوك ورؤساء الدول العربية.
لقد كان المغفور له يتمتع بمكانة وقبول كبيرين من الأطراف العربية والعالمية كافة، إلى جانب ما يحظى به من احترام وتقدير كبيرين، وهو ما ساعد في أن تكون الكويت طرفًا في لعب دور الوساطة لتسوية الكثير من الخلافات والأزمات على مستوى الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
وإذا كان الرجل العظيم الراحل صباح الأحمد بانيًا للدبلوماسية الكويتية المبنية على السلم والوساطة والمساعي الحميدة والحوار والعمل الإنساني، فإن هذا النهج أتوقع بكل يقين أن يسير عليه خلفه سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.
** **
- مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية