علي الخزيم
- كانت بلياليها قبيل ليلة العمر تتخيل فارس الأحلام يُمسك معصمها بين منتجعات أوروبا ومعالمها الباهرة، قبل ان يُعرِّجا على المطاعم المخملية خافتة الأنوار بضواحي تلك المدن، غير أن أول نزهة بعد الزواج قادتها لمزرعة جَدِّه العتيقة بالقرية؛ جلست هي تصنع الشاي على نار الحطب وهو يطارد العصافير كهواية صيد لم تغادره بَعْد، فقد شطحت الفتاة بعيداً بتخيلاتها وآمالها وكأن خطيبها ابن الملياردير صاحب المنشآت السياحية على ضفاف بحيرة (زيل) في زيلامسي بالنمسا!
- كانت تدون ضمن خواطرها أن سيارة المستقبل (من حساب الزوج) بعد الزواج ستكون من ذاك الطراز الذي تفوق قيمته200 ألف ريال واللون ليلكي (نوع من الزهور)، ثم تُفاجأ بأن سيارة الزوج من إصدار ما قبل عام 2000 وتعمل 3 أيام بالأسبوع والباقي بالورشة، أيها الفتاة الحالمة بعمق: ما أحلى القناعة فهي الواقي من بعض الصدمات غير المتوقعة.
- تزوجها جامعية واسعة الأفق والمدارك بعيدة الطموح، ورضِيتْ به رغم أنه أقل منها تحصيلاً علمياً كونه من أقرب الناس لها وتقديراً لأهله الطيبين، وبأول صباحية أخذ يرتدي ملابس الخروج؛ سألته: إلى أين؟ قال: لحرفتي وعملي، تساءلت: أوَ هذا وقته يا عريس؟! إذاً أحضر لي بطريقك جريدة ومجلة كذا، فصعقها برد لم يكن متوقعاً: (بلا جرايد، بلا خرابيط، الغداء يكون جاهزاً بعد صلاة الظهر مباشرةً)! قَتَل فيها الرومانسية والأحلام الوردية؛ ثم يريد منها أن تكون له بلسَماً وهو العلقم بأول صباح.
- كان بظاهره محافظاً لا تبدو عليه أي سلوكيات لافتة، أو ما يشوب سمعته أمام الأهل والأقارب، وحين بدأ البحث عن شريكة حياته الزوجية كان الأهل يشيدون بصلاحه واستقامته، وجَدَ من توافق على الارتباط به إذ أنه - برأيها وذويها - يتوافق مع رزانتها ورجاحة عقلها الذي يُميزها عند أهلها ومعارفها، بعد أيام من الزواج اختلف وقع ونمط حياة الزوج؛ أخذ بتقلب المزاج والتغيب عن المنزل، أو الانزواء والخلوة لساعات، ونحو ذلك من التحركات المريبة للفتاة، استوضحته عن حاله ومراده؟! فأفصح عن وجهه الآخر غير المرغوب، باختصار طالبها أن تكون له - متى ما أراد - كفتاة ليل لَعوب؛ وأن تغض طرفها عن كل ما قد يبدر عنه وما تراه وتسمعه منه! تم الفراق وبدأ رحلة البحث عن ضحية أخرى تبعاً لصراعه النفسي وأزماته الوجدانية.
المواقف آنفة الذكر وقائع حقيقية، ومنها ما تم تهذيبه ليلامس مفاهيم جيل الشباب المُقبلين على الزواج وليستوعبوا العبرة، ولئلا يمتدوا بخيالاتهم وأحلامهم المُجَنِّحة؛ فإنها بعد التحليق المبالغ به قد تضل طريقها لتهبط بالمكان غير المناسب؛ وعندها تكون الصدمات المُخيبة للآمال، أيّها الشباب لا تتوقعوا من الحياة الزوجية أكثر من اللازم، وابتعدوا ما أمكن عن خداع تصوراتكم الذهنية الخيالية الحالمة، فهي قد لا تتحقق كما تريدون تماماً؛ فتفقدكم متعة فرحة الزواج وبهجة العرس وما يليها من مراحل حياتكم الأسرية، التوازن بالمتطلبات والأخذ والعطاء بين الزوجين من أركان الوئام والاستقرار.