خالد بن حمد المالك
عناوين كثيرة، ومحاور مهمة، تضمنها الخطاب السنوي للملك سلمان في مجلس الشورى، تناول فيه الشأن الداخلي، وقال ما يجب أن يقال عن الشأن الخارجي، وعن رؤيته في التطورات عالمياً، بكلمات واضحة وشفافة وصريحة، ضمن موقف وسياسة وتوجه تلتزم به المملكة في سياستها الداخلية والخارجية منذ عهد الملك عبدالعزيز وإلى اليوم.
* *
وتحدث عن قضايا مهمة، وشخّص حالات بحسب ما يرى أنها بمثابة خارطة طريق للخروج إلى النور، والجهوزية لمرحلة ما بعد هذه المرحلة من التقلبات في السياسات الدولية والاقتصاد العالمي، وقبل ذلك ما كان ذا صلة أو علاقة بالشأن المحلي الذي يسير على خطى ثابتة ووفق ما رسمته رؤية المملكة 2030.
* *
أيام قليلة تسبق انعقاد قمة G20 في المملكة، ولا بد أن تحضيرات المملكة قد توصلت إلى مبادرات لتعزيز التنمية وتحفيز التعاون عالمياً لصنع مستقبل زاهر، كما هو تطلع الملك سلمان، وكما أشار إليه الملك في كلمته الشاملة في مجلس الشورى، لكن هذه الشراكة العالمية للمملكة ضمن مجموعة العشرين لم يغفل الملك عن تنبيه العالم إلى خطورة مشروع النظام الإيراني ودعمه للإرهاب والتطرف وتأجيج الطائفية.
* *
ولأن هناك قوى إقليمية تسعى إلى فرض نفوذها السياسي وأيدولوجيتها المتطرفة خدمة لمصالحها، فقد نبه خادم الحرمين الشريفين في كلمته إلى ذلك، مشددًا على أهمية الحل السلمي في سوريا، والاتفاق على وقف لإطلاق النار في ليبيا، ومساندة العراق في الأوضاع التي يمر بها بسبب التدخلات الإيرانية.
* *
وبما أن تسهيل إمدادات النفط لدول العالم يمثل أهمية مفصلية في خدمة الاقتصاد العالمي، وكون المملكة هي الدولة الأكبر في الإنتاج والاحتياط والتصدير لهذه السلعة بالغة الأهمية، فقد أكد الملك أن المملكة تدعم وتعمل على استقرار إمدادات البترول إلى العالم، مستشهدًا بموقف المملكة ودورها المحوري الذي قامت به في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة أوبك بلس، وذلك نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامتها، وبما يخدم المنتجين والمستهلكين.
* *
وقال عن رؤية المملكة 2030 بأنها أسهمت في تحسين الخدمات الحكومية، وخاصة في مجالات الإسكان والترفيه والرياضة والسباحة وتمكين المرأة، وأن هناك مرحلة قادمة لدفع عجلة الإنجاز بتمكين المواطن وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر وزيادة فاعلية التنفيذ، مشيراً إلى أن الحكومة قدمت مبادرات للقطاع الخاص بأكثر من 218 مليار ريال.
* *
وكان الخطاب الملكي السنوي قد أشار إلى جائحة كورونا، والجهود التي بذلت للتصدي المبكر للحد من آثارها، وكيف أسهم ذلك في تدني انتشارها، وأن الدولة أنفقت في دعم وزارة الصحة بـ47 مليار ريال، ضمن ما تم الإنفاق عليه، إلى جانب ما تم عمله ضمن احتياطيات السلامة والوقاية.
* *
مواضيع كثيرة ومهمة تحدث عنها الملك سلمان، بينها استقطاب الاستثمارات الأجنية، وأن المملكة أصبحت اليوم الدولة الأكثر تقدمًا وإصلاحًا من بين (190) دولة وفقًا للبنك الدولي، والمرتبة الأولى خليجيًا والثانية عربيًا في تقرير البنك الدولي، «المرأة أنشطة الأعمال والقانون 2020» .
* *
الكلمة الملكية محاورها كثيرة، موضوعاتها مهمة، وقد اتسمت بالصراحة والوضوح، وخاصة حين تحدث الملك عن إيران ودعمها للإرهاب، وتدخلها في شؤون دول المنطقة، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم تجاه إيران، يضمن منعها من الحصول على أسلحة دمار شامل، بما في ذلك تطوير برنامج الصواريخ البالستية، كما تحدث عن ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران بإطلاقها طائرات مفخخة بدون طيار وصواريخ بالستية تجاه مدن المملكة، وبأن هذا العمل الإرهابي لن يوقف المملكة عن دعم الشعب اليمني الشقيق.
* *
وكان لفلسطين حصة من الكلمة التاريخية للملك سلمان، إذ إنه أكد من جديد بأن المملكة مستمرة في وقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، مع استمرار مساندة المملكة للجهود التي تبذل لإتاحة الفرصة للتفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين للوصول إلى اتفاق عادل ودائم.
* *
الكلمة الملكية لا يمكن حصر ما جاء فيها في سطور، أو اختزالها والتعليق عليها في بضع كلمات، وهذه القراءة للكلمة والعرض السريع عنها لا يغني عن قراءة الكلمة بتأنٍ للوصول إلى الفكر الخلاق لدى خادم الحرمين الشريفين، واستخلاص رؤيته المستقبلية لبناء مستقبل أفضل للمملكة ودول العالم.