د. فهد بن أحمد النغيمش
إن المتتبع لأخلاق الناس اليوم وتعاملهم مع بعضهم البعض يأخذه العجب مما يرى من اختلاف الطباع وتغيّر العادات واختلال الموازين، بل قل مقاييس البشر التي أُخضعت لأعراف ومعايير ما أنزل الله بها من سلطان فترى أحدُهم قد أقبلَ على ذاك الرجل بوجهِه واستدارَ له بجسمِه وأسلمَ له فِكرَه ضاحكاً مستبشراً مهلياً ومرحباً، ومع الآخر قد لوى له عُنقَه وصَعِّرَ له خدَّه وأعطاهُ ظَهرَه حتى ولو كان من أقربائه أو أعز أصدقائه، تراهُ قد بشَّ في وجهِ هذا وهَشَّ، وتراهُ مع ذلكَ قد تمعَّرَ وجهُه وكَشَّ، وتراهُ قد أخذَ هذا بالأحضانِ وكادَ أن يخلعَ يَدَه بالسَّلامِ عليهِ، وتراهُ قد تجافى عن ذلكَ وأطرافُ الأصابعِ قد امتدَّتْ إليهِ، وتراهُ قد بسطَ لسانَه لهذا بالثَّناءِ والقولِ الكريمِ، ومع ذاكَ قد انعقدَ لسانُه فلا تدري أهو أبكمٌ أم كليمٌ؟ هذا قد دعي إلى الطعام وإلى المناسبات ولو كانت صغاراً حتى ولو بعد بهم المقام وهذا قريب جدار أو قريب شجن أو نسب لكنه لا يمكن أن يدعى لتلكم المناسبات!
ماذا أصابنا؟
أهو الجهل أم الكبر أم هي الماديات التي طغت وأصبحت هي الفيصل في ميزان البشر؟
إنك حين ترى هذا الاختلافَ العجيبَ في التَّعاملِ بينَ النَّاسِ، لا بُدَّ أن يدورَ في بالِكَ سؤالٌ، ما هو الميزانُ الحقيقيُّ للرِّجالِ؟ هل هو الجاهُ والمنصبُ والمالُ؟ أم هو الحسبُ والنَّسبُ والجمالُ؟ أم هي العزيمةُ والقوَّةُ وشَجاعةُ الأبطالِ؟ أم أنَّ ميزانَ الرِّجالِ لا يعرفُه إلا الرِّجالُ؟
مَنْ لي يُواسيني بمُرِّ عَذابي
في وِحدتي وتَغربي ومُصابي
سَايرتُ كلَّ النَّاسِ حَسبَ طِباعِهم
فَوجدتُ فيهم نُدرةَ الأصحابِ
ورجوتُ أن أَلقى صَديقاً مُخلِصاً
أَفضي إليهِ من السَّرائرِ مَا بِي
لننظرَ إلى ميزانِ الرِّجالِ، هل هو بالوسامةِ والجمالِ؟ فكلما كانَ الرَّجلُ أجملَ، كانتْ له المنزلةُ الأفضلُ.. تأملوا معي هذا الموقفِ الجميل في سيرة خير المرسلين..كان هناك رَجُل مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَانَ اسْمُهُ زَاهِرَ بْنَ حَرَامٍ، وَكَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهَدِيَّةَ مِنَ الْبَادِيَةِ، فَيُجَهِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا، وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ)، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّهُ، وَكَانَ دَمِيمًا -أَيْ: قَبِيحَاً-، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، وَهُوَ يَبِيعُ مَتَاعَهُ، فَاحْتَضَنَهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ لا يُبْصِرُهُ، فَقَالَ: أَرْسِلْنِي، مَنْ هَذَا؟ فَالْتَفَتَ، فَعَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ يُلْزِقُ ظَهْرَهُ بِصَدْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ عَرَفَهُ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ؟)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا وَاللَّهِ تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَكِنْ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ.. بَلْ أَنْتَ عِنْدَ اللَّهِ غَالٍ).. نعم، لست بكاسد، دميم بين الخلق لكنه جميل عند رب الخلق سبحانه، ما ضره دمامة خلقته وقبح منظره رضي الله عنه!
قد يظن البعض أن ميزانُ الرِّجالِ، في كثرةِ المتاعِ والمالِ؟ فكلما كانَ الإنسانُ غنيَّاً، كانَ بالإكرامِ حريَّاً،و ما أكثرهم اليوم ولكن هل سمعتم بجليبيبَ، الفقيرِ الذي لا مالَ لهُ ولا متاع؟ عرض عليه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ الزواج فقال: يا جُليْبيبُ ألا تتزوَّجُ؟ قالَ: يا رسولَ اللهِ، ومنْ يُزوِّجُني؟ فَقَالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَقَالَ: نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ وَنُعْمَ عَيْنِي، قَالَ: إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي، قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لِجُلَيْبِيبٍ، فَقَالَ: أُشَاوِرُ أُمَّهَا، فَأَتَى أُمَّهَا فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ يَخْطُبُ ابْنَتَكِ، فَقَالَتْ: نِعِمَّ وَنُعْمَةُ عَيْنِي، فَقَالَ: لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ، فَقَالَتْ: مَا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ إِلا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلانٍ وَفُلانٍ؟ لَا، لَعَمْرُ اللهِ، قَالَ: وَالْجَارِيَةُ فِي سِتْرِهَا تَسْتَمِعُ، فَقَالَتِ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ, فَأَنْكِحُوهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْنِي، فَانْطَلَقَ أَبُوهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ فَأَخْبَرَهُ، فَزَوَّجَهَا جُلَيْبِيبًا،ثُمَّ خَرجَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فِي غَزْوَةٍ لَهُ، فَلَمَّا نَصَرَهُ اللهُ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟، قَالُوا: نَفْقِدُ فُلَانًا وَفُلَانًا، قَالَ: انْظُرُوا هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَطَلَبُوهُ فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَا هُوَ ذَا إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَاهُ فَقَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ: قَتَلَ سَبْعَةً وَقَتَلُوهُ، هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ -ثلاثاً-، ثُمَّ وَضَعَهُ رَسُولُ اللهِ عَلَى سَاعِدَيْهِ وَحُفِرَ لَهُ، مَا لَهُ سَرِيرٌ إِلَّا سَاعِدَا رَسُولِ اللهِ، حَتى وَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ.. فما أكثر جلبيب اليوم في زماننا وما أندر من يتأسى بهديه صلى الله عليه وسلم، قلب بصرك في المناسبات والولائم وانظر إلى نوعية الرجال الذين قد أكرموا بوابل الدعوات الكتابيةوالسمعية والقولية، ذاك ترجى تجارته وذاك تبتغى وجاهته وآخر حتى يقال (شرف مناسبتنا)!
أما من لا يرتجى منه منفعة ولا يؤمل منه نفع فلا إلى بابه ترسل الدعوات ولا يكرم بالاتصالات. جاء في»الصحيحين» عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (بِئْسَ الطَّعَامُ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى إِلَيْهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ).
بل حتى في الأمور الإنسانية والتي ينبغي من خلالها أن يخلع المرء جلباب المصلحة والمنفعة ويبحث عن الأجر كصلاة ميت أو عزاء أو مواساة أصبح الميزان عند البعض جيبه وجاهه ومنصبه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
قد يكونُ ميزانُ الرِّجالِ هو السِّيادةُ والمنصبِ والجاهُ، فإذا حضرَ يُقامُ لهُ، وإذا تكلَّمَ يُسمعُ لهُ، وإذا شَفعَ يُعطى، وإذا خطبَ يُنكَحُ، ولكنْ تأمل هذا الموقفِ: يَقولُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لرَجُلٍ عِنْدَهُ جَالِسٍ: (مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)، فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ، هَذَا وَاللَّهِ حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا رَأْيُكَ فِي هَذَا؟)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، هَذَا حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْمَعَ لِقَوْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا).. لا إلهَ إلا اللهُ.. إذاً السِّيادةُ والجاهُ ليسَ هي ميزانُ الرِّجالِ.
قد يكونُ ميزانُ الرِّجالِ هو ضخامةُ الأجسامِ وقوةُ الأبدانِ، فكلما كانَ الرَّجلُ قويَّاً شُجاعاً، كانَ عند النَّاسِ كريماً مُطاعاً، ولكن هل تعرفونَ عبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنه؟ كَانَ يَجْتَنِي سِوَاكًا مِنَ الأَرَاكِ، وَكَانَ دَقِيقَ السَّاقَيْنِ، فَجَعَلَتِ الرِّيحُ تَكْفَؤُهُ فَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهِ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ مِنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِمَّ تَضْحَكُونَ)، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ)، سُبحانَ اللهِ.. إذاً القوَّةُ وضخامةُ الأجسامِ ليسَ هي ميزانُ الرِّجالِ.
قد يكونُ ميزانُ الرِّجالِ هو الحسبُ والنَّسبُ، فكلما كانَ من قبائلِ العربِ الكريمةِ، كانت له عندَ النَّاسِ المنزلةُ العظيمةُ، ولكن ما رأيكم في نسبِ النَّبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ؟ لا شَكَّ أنَّه أشرفُ النَّسبِ، ومع ذلكَ فعمُّه مذكورٌ في القرآنِ الكريمِ، في سورةٍ يتلوها الصَّغيرُ والكبيرُ: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ)، ومع ذلكَ فقد رفعَ الإسلامُ سلمانَ الفارسيَّ وصُهيبَ الرُّوميَّ وبلالَ الحبشيَّ رضيَ اللهُ عنهم.
لَعَمْرُكَ مَا الإنْسَانُ إلا بدِينِهِ
فلا تَتْرُكِ التَّقْوَى اتِّكَالاً عَلَى النَّسَبِ
فَقَدْ رَفَعَ الإسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ
وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّقِيَّ أَبَا لَهَبٍ
إذاً: لا يزالَ السُّوالُ يبحثُ عن جوابٍ: ما هو ميزانُ الرِّجالِ يا أولي الألبابِ؟
اللهُ سبحانَه وتعالى لما ذكرَ خلقَ النَّاسِ جميعاً، وذكرَ اختلافَ شُعوبِهم وقبائلِهم، ذكرَ الميزانَ الحقيقيَّ في منزلتِهم عندَه، فقالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، إذاً ميزانُ الرِّجالِ هو التَّقوى والعملُ الصَّالحُ.
وذكرَ اللهُ تعالى أماكنَ وجودِ هؤلاءِ الرِّجالِ، فقالَ سبحانَه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ}، فالمساجدُ هي أماكنُ وجودِ هؤلاءِ الرِّجالِ.
فإذا وجدتَ اليومَ رجلاً حقيقيَّاً، فعَضَّ عليه بالنَّواجذِ، واستمسكْ به بيدِكَ وقلبك، فمثلُ هؤلاءِ كانتْ أمنيةُ الفاروقِ عمرَ رضيَ اللهُ عنه، فقدْ جلسَ ذاتَ يومٍ إلى جماعةٍ من أصحابِه فقالَ لهم: تَمنَّوا؟ فقالَ أحدُهم: أتمنى لو أنَّ هذه الدارَ مملوءةٌ ذهبًا أُنفقه في سبيلِ اللهِ، ثمَّ قالَ عمرُ: تمنَّوا؟ فقالَ رجلٌ: أَتمنى لو أنَّها مملوءةٌ لؤلؤًا وزَبرجدًا وجَوهرًا أُنفقهُ في سبيلِ اللهِ وأَتصدَّقُ به، ثم قَالَ: تَمنَّوا؟ فقالوا: ما نَدري ما نَقولُ يا أميرَ المؤمنينَ؟ فقالَ عمرُ: ولكنِّي أَتمنَّى رِجالًا مثلَ أبي عبيدةَ بنِ الجراحِ، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حُذيفةَ، وحُذيفةَ بنِ اليَمانِ فأستعينُ بهم على إعلاءِ كلمةِ اللهِ، وصدقَ اللهُ تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
نعم، أنزلوا الناس منازلهم ولكن لا تبخسوا الناس أشياءهم، فرُبَّ أشعثَ أغبرَ مدفوعٍ بالأبواب، لو أقسم على الله لأبرَّه وتذكّروا أن شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء!
ليكن ميزان التعامل ومقاييس الرجال هو التقوى ولا غير فبها تكسبوا الثواب من مولاكم وتزدادوا بها رفعة في درجاتكم ومكانة بين أقرانكم وخلانكم ومجتمعاتكم.
** **
- الأستاذ المساعد بقسم العلوم التربوية بكلية التربية بجامعة المجمعة