محمد سليمان العنقري
عام حافل بالأحداث نعيش فصله الأخير، إذ لم يسبق للبشرية أن عاشت مثل هذا الظرف بحجمه ومخاطره وتداعياته، فهذا العام 2020 م سيبقى محفوراً في ذاكرة التاريخ بسبب جائحة كورونا التي تفشت في كل دول العالم دون استثناء وتسببت في الإغلاق الكبير في عصر العولمة، فالسفر بات ميسراً حيث بلغ عدد المسافرين في العام الماضي من خلال الطائرات 4.5 مليار إنسان جلّ هذا الرقم توقف عن السفر بعد أن تعطل كل شيء في النصف الأول من هذا العام مما أدى إلى شلل قطاعات عديدة كالسياحة والترفيه وكذلك الانتقال لنمط جديد في إدارة الأعمال والتعليم عن بعد مع تطور التقنيات الحديثة التي ساعدت على ذلك لتجاوز ما خلفته الأزمة من ضرورة أخذ إجراءات احترازية حدت من حركة البشر في قضاء أعمالهم حضورياً ومع هذا الشلل الواسع الذي أصاب اقتصادات دول العالم ظهر دور مجموعة العشرين الكبار في الاقتصاد العالمي للتصدي لتداعيات الجائحة واحتوائها واستعادة نمو الاقتصاد العالمي بعد انكماش ضخم إصابه.
وقد كان القدر بأن تكون دورة انعقاد القمة وأعمالها لهذا العام أن تكون الرئاسة للمملكة التي أدارت أعمال القمة باقتدار من خلال ما عقد من اجتماعات وما طرح من مبادرات للتصدي لتداعيات جائحة كورونا، حيث تعهدت دول المجموعة بضخ نحو 11 تريليون دولار أمريكي لإنعاش الاقتصاد العالمي مما أدى إلى استعادة النمو للاقتصاد بأغلب دول المجموعة في الربع الثالث قياساً بالربع الثاني من هذا العام وهي فترة وجيزة تدل على النجاح بالتحرك السريع للمجموعة وكذلك تم اعتماد تخصيص 21 ملياراً لسد الفجوة التمويلية في القطاع الصحي ودعم تمويل أبحاث اللقاح للفيروس وأن تكون الاستفادة منه متاحة لكل دول العالم، كما تم تعليق خدمات الدين للدول الأشد حاجة لهذا العام لدعمها لكي تستعيد عافيتها الاقتصادية سريعاً مع توقع بأن يبلغ حجم هذه المبالغ 14 مليار دولار يتوقع أن تستفيد منها 73 دولة.
كما واجهت المجموعة عديداً من التحديات الاقتصادية المرتبطة بتعزيز التجارة الدولية وانسيابية سلاسل الإمداد وكذلك قضايا اجتماعية لها تأثير اقتصادي مثل دعم تمكين المرأة وأيضاً العمل على خطط لمواجهة أي أوبئة في المستقبل وحماية كوكب الأرض من تكرار ما حدث هذا العام، فالمملكة بذلت جهداً مضاعفاً في هذا العام يختلف عما قدمته جميع الدول التي استضافت القمة في دورات سابقة فالعام الحالي استثنائي غير مسبوق بإحداثه وهناك ضغط عالمي لحماية البشرية من عدو مجهول وخفي وأيضاً كان لعدم القدرة على التواصل إلا عبر التقنيات الحديثة، أي أن للاجتماعات الافتراضية دورا في إضافة المزيد من المسؤوليات ومضاعفة الجهود لنجاح الاجتماعات، فالتواصل بين عشرين دولة عبر تقنيات الفيديو وتباين مستويات البنية التحتية الرقمية بين الدول واختلاف الأوقات بينها يجعل الصعوبات والتحديات أكبر خصوصاً أن كل الاجتماعات ذات أهمية بالغة نظراً لكون جلها تناقش التصدي لأخطر أزمة اقتصادية شهدها العالم، لكن المملكة بجاهزيتها تقنياً وتنظيمياً في ترتيب إدارة أعمال اللجان ولقاءات المسؤولين في المجموعة أدى إلى التوصل لحلول كانت بحجم ضخامة الأزمة وأعطت نتائج مبشرة بزمن قياسي. جندت المملكة إمكاناتها وطاقاتها لدعم أعمال مجموعة العشرين لهذا العام الاستثنائي الذي عقدت كل لقاءاته افتراضياً ونجحت في إدارة جهود المجموعة للتصدي لتداعيات جائحة كورونا التي تسببت في ذروتها بفقدان نحو 100 مليون إنسان لوظائفهم وأعمالهم إلا أن الجهود المبذولة مكنت من استعادة جل ما خسره العالم من وظائف واستعادة الأعمال نشاطها تدريجياً وسيبقى دور المملكة مقدراً لجهودها الاستثنائية في هذا العام المعقد بأحداثه وسيتوج عملها في عقد قمة قادة المجموعة السبت المقبل لتتوج أعمال هذا العام بالموافقة على ما اتخذ من تدابير وعلى بقية المبادرات التي تؤسس وتدعم إعادة التوهج للاقتصاد العالمي.