مرت ستة أعوام على تولي الملك سلمان مقاليد الحكم، وهي ذكرى ومناسبة يحتفي بها الوطن لتجديد البيعة وتكريس الانتماء والولاء للوطن الكبير، وتكريس العقد الاجتماعي ما بين الملك والشعب.
الاحتفاء بذكرى البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - يكمن جوهره وقيمته في التأكيد بالتمسك بتلابيب الوطن، وهي لحظة تاريخية تعيدنا لإرهاصات المشروع الوحدوي للمؤسس الراحل الملك عبد العزيز - رحمه الله - الذي صنع منجزاً وحدوياً لم يعرفه العالم العربي. الملك لا يلبث أن يردد في أحاديثه ولقاءاته ومجالسه ما يؤكد على ثوابت الدولة وما صنعه المؤسس الراحل عبد العزيز، وتمسك ملوك هذه البلاد بمحددات السياسة السعودية، وأن هذه الدولة قامت على سواعد الأجداد فصنعوا الوحدة وحافظوا عليها، مشدداً على تعزيز الوحدة الوطنية، حيث المساواة فلا تمييز ولا تفرقة ولا عنصرية، مؤكداً أن هذه البلاد جزء من هذا العالم ولدينا تحديات وعلينا مواجهتها بشجاعة، فالتجربة تجاوزت التصنيفات والمسميات وتلاشت فيها النوازع القبلية والانتماءات الضيقة.
من تابع توجّه السياسة السعودية ومواقفها الأخيرة يلمس اتخاذها قرارات مهمة وغير عادية تصب في نهاية المطاف لحماية ثوابتها ومصالحها العليا. ولكونها هي قلب الإسلام ومهد العروبة بما تملكه من إرث تاريخي، فإنها تعلم علم اليقين بحجم مسؤوليتها وثقلها، ما يعني مواجهة المخاطر باتخاذ قرارات صعبة وإن لم ترق للبعض وقد يغضب منها البعض، إلا أنها في صميم قناعاتها راضية الضمير كونها تقف مع الحق. باختصار السعودية لا تجامل في مسألتين : سمعة دينها وحماية أرضها، ولذلك مثلاً اتخذت قراراً تاريخياً بالمشاركة في التحالف الدولي ضد الإرهاب، والذي كانت قد طالبت به منذ زمن ليس بالقريب.
السعودية جزء من هذا العالم الذي لا تستطيع الانفصام عنه، كونها لا ترضى بمقعد المتفرج والعالم من حولها يتغير، وهي تنطلق من مسؤولية دينية تعرف أبعادها وحجمها، وبالتالي فهي تسعى لحماية الدين من التشويه وتعزيز أمن الإقليم واستقراره.
إن الزخم الذي تعيشه الدبلوماسية السعودية في الفترة الراهنة يعكس مكانة وثقل المملكة ما يجعلها لاعباً أساسياً في الساحة الدولية ورقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في معادلات المنطقة، كما لم تعد هنالك شكوك في أن ثمة تآمراً وتدخلاً في شأننا الداخلي، فالتراب الوطني مهدد من عدة جهات عبر اختراق تركيبته المجتمعية وإثارة الفتنة فيه، بدليل ما نسمعه ونراه فالمسألة هنا لا تتعلق بالمخاطر الراهنة القادمة من الحدود الجنوبية فحسب، بل هي أكبر من ذلك بكثير لأنها مرتبطة بمنظومة مخططات ممنهجة، ما يعكس حقيقة حجم المخاطر التي تواجهها السعودية دولة وشعباً.
في هذه المناسبة الغالية نكرس مرة تلو أخرى قصة تلاحم ما بين القيادة والمواطن كشفتها مواقف وأحداث لتؤكد أن الوطن غال، وأن اللُحمة ما بين هذا الشعب لا يمكن المساس بها، ولن نفرط في ديننا وقيادتنا وخيراتنا ومكتسباتنا وأمننا واستقرارنا.
الشعب السعودي وهو يجدد البيعة لملكنا سلمان يؤكد ولاءه لقيادته وتمسكه بوحدته الوطنية واستمراره على نهج المؤسس ولا سيما هو موقن بحجم التحديات والمخاطر المحدقة به، ولذا سوف تستمر بلادنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بإكمال المسيرة والمضي قدماً في حركتها الدائبة في البناء والإنجاز والتنمية لتحقيق التطلعات التي تليق بهذا الوطن وأهله.
** **
عبد العزيز العريفي - الرئيس التنفيذي المكلف لشركة السلام لصناعة الطيران