سهوب بغدادي
إن تنشئة الطفل منذ لحظة ولادته إلى سن البلوغ، أمر في غاية الأهمية ويشغل بال الأسر والدارسين والمختصين، ويعنى بالتنشئة أو التربية إلى الطرق التي يتّبعها المربي بغية تهيئة الطفل لحياته المستقبلية من خلال تعليمه الالتزام بقواعد المجتمع الذي يعيش فيه من قوانين وعادات وتقاليد بغض النظر عن ماهيتها ومدى صلاحيتها. في الوقت الذي يقع العديد من المربين في فخ لا يحمد عقباه. حيث ذكرت الكاتبة والمختصة في علم النفس (عشتار) أن المربي يقع في (مصيدة العقاب) بمعنى أن الأم إذا ما أقدمت على ضرب الطفل مرة فستقوم بضربه مرات عديدة إلا أن كل كيفية ومقدار القوة المستخدمة أثناء الضرب تزداد شيئا فشيئا لكي تشعر بلذة التسبب في الألم، وباعتبار أن الطفل سيتعود على تحمل ألم معين فينمي جسده آلية للتعامل معه Pain Tolerance إذ لا تؤثر ذات الضربة عليه بنفس المقدار. وقال البعض في القدم (الطفل إذا انضرب يستضري). علما بأن المصيدة قد يقع فيها الكبار بتواجدهم في علاقة مسمومة ووقوعهم في دائرة التعنيف النفسي واللفظي والجسدي. إن الضرب يعد الطريقة الأسهل لإلجام الطفل بشكل لحظي إلا أن دورة الفعل قد تصل إلى الإيذاء وكم سمعنا عن أم تقتل أطفالها. فبالتأكيد أن هذه الأم وقعت في الفخ وتدرجت في عقابها لفلذات أكبادها إلى أن وصلت إلى نقطة اللاعودة بالخنق والحرق والحبس والجلد وما إلى ذلك.
الجميع يواجه المصاعب والضغوطات بشكل يومي، وقد تتجلى آلية التفريغ في المكان الخاطئ ويطلق عليه Emotional Displacement أي يعمد الشخص إلى نقل مشاعره السلبية إلى الطرف أو الحلقة الأضعف باعتبار قلة تأثيره وضعف ردة الفعل الناجمة إثر التفريغ.
فيتوجب علينا كمربين أن نراقب أنفسنا وأن نخاف الله فيما وهبنا، فهنالك الكثير ممن يقفون على أعتاب المستشفيات لسنوات مديدة لكي يسعدوا بضحكات طفل واحد. فيما نعاصر أياما ذهبية بانتشار العلوم والمعارف التي أصبحت في متناول الأيدي، مما يتيح للمربي أن يثقف نفسه قبل وبعد تواجد الطفل في حياته. بعكس ما مر به المربي قديما من قلة الموارد التوعوية. فعلا، تثقيف الذات والتوعية التربوية أمر صعب جداً وقد يتطلب سنوات وخبرات متراكبة وتراكمية إلا أن الضرب لن يخلف سوى الألم الممتد في حياة الطفل في حياة وبعد رحيل المربي. أطفالنا أمانة فيجب أن نحميهم من آلام العالم التي سيواجهونها بمفردهم في المستقبل لا محالة، فلماذا نشرع في تقديمهم لشعور الألم والمعاناة مبكراً؟ أليس الوالدان مصدر الأمان؟ فمن الأمان بعـد سقوط الأمان؟
ومضة: في حال تعرضك أو أي شخص للعنف لا تتردد بالتواصل مع مركز بلاغات العنف الأسري الذي يتعامل مع الحالات بشكل سري وسريع على الرقم 1919.