محمد آل الشيخ
كنت منذ أن بدأت الكتابة بصفة منتظمة قبل أكثر من عشرين سنة وأنا أحذر من أن جماعة الأخوان المسلمين هي أكبر الأخطار التي تهدد بقاء هذه الدولة، وبعد صدور بيان هيئة كبار العلماء المسلمين شنت كوادر هذه الجماعة في المملكة وخارج المملكة أقسى أساليب القدح والشتم والتشكيك.
وكان أحد الموقوفين الآن من أقطاب الإرهابيين سبق أن اتهمني مثلما اتهم غيري من المناوئين لهذه الجماعة بأننا (جواسيس) للسفارات الأجنبية، وكانوا يسموننا (زوار السفارات)، وأننا نكتب لننفذ أجندتهم. ودعونا نعترف أن هذا الخطاب المسيس المغرض خدع كثيرين وانساقوا خلفه ورددوا ما يرددون. غير أن كثيراً من زملائي الكتاب وأنا كنا على قناعة راسخة أن الحق في نهاية المطاف سينتصر طال الزمن أو قصر.
اليوم -ولله الحمد والمنّة - قُضي الأمر، وانفضحوا، واتخذت هيئة كبار العلماء القول الفصل بتجريم هؤلاء الانتهازيين، ذلك القرار الذي كنا ننتظره منذ سنوات وسنوات، وتبرأت الدولة السعودية بكافة مؤسساتها من هذه الجماعة ومما يهدفون ويخططون له، ولعل إشارة أميرنا الأمل الأمير محمد بن سلمان بإعادة هيكلة وزارة الداخلية التي نتج عنها القضاء التام على الإرهاب بشكل كامل، إشارة يجب أن نتوقف عندها طويلاً، فقد كانوا (يخططون) لما كنا نحذر منه لمصلحة هذه الجماعة الخطيرة والتدميرية، والأيام حافلة بكثير من المفاجآت التي تفضح هذه الجماعة وتعري من يحمونها، وبالذات عملها الدؤوب للتمهيد لقيام الدولة (الأممية) التي من شأنها إسقاط الوطن وإقامة دولة الأمة.
ويجب أن نتنبه إلى نقطة في غاية الأهمية ومؤداها أن جميع السعوديين الذين يقدمون أنفسهم كمعارضين في خارج البلاد ينتمون جميعهم إلى هذه الجماعة، وتمولهم دويلة قطر التي نذرت نفسها لخدمة أجندة هذه الجماعة، فمثلاً يقول المعارض المشرد الآن في لندن محمد المسعري إن الموقوف سلمان العودة توسط له ولرفيقه سابقاً وعدوه الآن سعد الفقيه لدى سلطات نلك الدويلة فتم تمويلهما بسخاء للعمل على هز استقرار المملكة، رغم أن المسعري كما يقول ليس إخوانياً وإنما ينتمي لحزب التحرير، ومعروف أن التنظيمين وجهان للفكرة نفسها في الأهداف والغايات. وكان لدي يقين لا يخالجه شك أن القضاء على جماعة الإخوان في المملكة يعني بالضرورة القضاء على الإرهاب وعلى المعارضة المتأسلمة المسيسة في الخارج، فجميعهم بلا استثناء يتبنون أجندة جماعة الإخوان وتمولهم دويلة قطر.
وهم الآن بعد براءة هيئة كبار العلماء منهم مرتبكون أشد الارتباك، خاصة بعد أن تأكدوا أن وجودهم في المملكة ليس متعذراً فحسب وإنما أصبح ضرباً من ضروب المستحيل؛ لذا أصبح كل أخواني يغرد على ليلاه، دونما تنسيق، فواحد يجهل هيئة كبار العلماء، وآخر يفسقها وثالث يهجوها، حتى لم يسلم منهم الموتى من كبار المسلمين مثل الشيخ عبدالعزيز بن باز، الذي يعتبره أغلب السعوديين، إذا لم يكونوا جميعهم، علماً من أعلام هذه البلاد، إذ تجرأت الاخوانية التي نالت جائزة نوبل (توكل كرمان) ووصفته بالضال المضل، فأحرجت الأخونج السعوديين أيما إحراج، وجعلتهم يصفونها بأقذع الأوصاف في حين كانوا في الماضي يمجدونها، ويعتبرون حصولها على جائزة نوبل تكريماً للجماعة واعترافاً عالمياً بها.
ولعل أول من كشف الإخوان بين الحكومات العربية هو فشلهم التام في السودان. فهم كانوا يتذرعون بأن فشلهم في مصر كان سببه (الدولة العميقة) التي لم تمكنهم من التحكم في السلطة، فسقطوا خلال أقل من سنة، إلا أن فشلهم في حكم السودان الذي استمر لأكثر من ثلاثين سنة يدحض هذه الفكرة، ويؤكد أنها حركة فاشلة، تخدع الناس بامتطاء الدين والذب عنه، في حين أنهم في واقع الأمر (مافيا دينية) المال والسلطة واللصوصية من أهم أهدافها.
والأغبياء الآن يراهنون على الرئيس الأمريكي بايدن، ويتوهمون أنه سيكرر الخطأ مرة أخرى، ويعيد مأساة (الفوضى الخلاقة) التي فشلت فشلاً ذريعاً، وما زالت منطقتنا تعاني منها حتى الآن. يقول العرب في أمثالهم (المُجرب لا يجرب) حتى ولو جاء أوباما الذي تحلمون به مرة أخرى لقلب لكم ولتركيا وكذلك دويلة قطر ظهر المجن، لسبب بسيط فحواه أنكم فشلتم، وأنكم أينما حللتم حل الخراب والدمار وفقدان الأمن والاستقرار.
وختاماً أقول: جماعة الأخوان، بل الإسلام السياسي برمته، حركات سادت في زمن معين لدوافع وأسباب موضوعية، وها هي الآن تضعف وتنهار وتنكشف وتفشل، ولا أعتقد أن هذه الجماعة سيكون لها عملياً أي دور في تشكيل توجهات الشعوب عملياً.
إلى اللقاء.