محمد آل الشيخ
تستضيف المملكة هذه الأيام قمة أكبر 20 دولة من حيث الاقتصاد في العالم. وهي مناسبة في غاية الأهمية، خاصة بعد أن عصفت جائحة كورونا بجميع دول العالم، ونتجت عنها آثار سلبية كبيرة في جميع اقتصاديات الدول بلا استثناء. قمة العشرين هذه تمثل دولها 80 في المائة من الناتج الاقتصادي العالمي، كما تمثل هذه الدول مجتمعة ثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، وقد ابتدأ الاستعداد لهذه القمة منذ أن تسلمت المملكة رئاسة هذه المجموعة، وجرت كثير من الاجتماعات والتنسيق للمواضيع التي تأتي على رأس أولويات العالم اقتصادياً، وتعد هذه القمة استثنائية لأنها أتت في زمن كورونا، وآثارها، وما تمخض عنها من نتائج، وستنعكس هذه التطورات على مجريات القمة حتماً. كما ستبحث هذه القمة كثيراً من الملفات المتعلقة بالبيئة وديون الدول النامية وكيفية مساعدتها للخروج من تبعات هذه الغمة العالمية التي كبدت العالم، وبالذات اقتصاديات العالم تحديداً، مصاعب واختناقات وأزمات جمة. إضافة إلى أنني أرجح أن تستقطب كيفية التعامل مع الأوبئة والأمراض المعدية حيزاً من هذه القمة، وبالذات بعد أن أثبتت الدول الغربية هشاشة في الخدمات الصحية، في حين أن دول آسيا ومنها المملكة كان أداؤها في التعامل مع هذه الجائحة أفضل بشكل ملحوظ.
والمملكة تنتج ما يوازي 10 في المائة من النفط العالمي، وهي بذلك تعد مهمة للتحكم في استقرار أسعار النفط، كما أن موقعها الجغرافي يأتي في الوسط بين الغرب والشرق، إضافة إلى أن مقدسات ما يقارب ملياري مسلم تقع على أراضيها. كما أن صندوقها السيادي يعد من أكبر الصناديق السيادية في العالم. أضف إلى ذلك أن رؤية المملكة 20 - 30 ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأهداف وغايات هذا المنتدى الاقتصادي العالمي، وتحديداً التنمية المستدامة، كما أن تمكين المرأة من أهم أهداف الأنشطة الحياتية لهذه القمة.
وقد حددت الدولة عدة مجالات لقمة العشرين التي ستعقد في المملكة، أهمها تمكين الإنسان، وتشمل العمل على تقليل نسب البطالة، والفقر، وحقوق العمال. والسعي إلى تدفق الرساميل الاستثمارية بين الدول. بالشكل الذي يرفع قدراتها في مواجهة مصاعبها الاقتصادية، وبالتالي يدعم أمنها واستقرارها. وقد ترددت أنباء شبه مؤكدة أن مجموعة العشرين ستدعم الاقتصاد العالمي بمبلغ 12 تريليون دولار، وسوف تستفيد منها 73 دولة.
ونحن كسعوديين نعيش في هذه الأيام الحالية انفتاحاً اقتصادياً واجتماعياً حقيقياً، وهذا الانفتاح أسهم وسيسهم أكثر مستقبلاً في تنويع القاعدة الاقتصادية، وسيوفر فرصاً وظيفية جديدة، ولا سيما أن المملكة تمر الآن في مرحلة تنموية أجزم أنها ستكون مثالاً يحتذى به في التنمية الاقتصادية، خاصة بعد أن ثبت بتجارب الأمم أن النمو الاقتصادي هو أيقونة البقاء والاستقرار، وتراجع هذا النمو يعني أن ثمة مشكلات وأزمات ستكتنف تلك الدول التي تعاني قصوراً في النهج الاقتصادي.
قمة العشرين في الرياض بعد جائحة كورونا، ستكون قمة استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
إلى اللقاء