د.عبدالعزيز الجار الله
سبق لقمة قادة مجموعة العشرين الدورة الخامسة عشرة 2020 أن وضعت لها شعارًا قبل أزمة كورونا: اغتنام فرص القرن الواحد والعشرين للجميع. بصفة قمة دول مجموعة العشرين تشكل ثلثي سكان العالم، وتضم 85 % من حجم الاقتصاد العالمي، و75 % من التجارة العالمية، مع التركيز على قضايا الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومناقشة أيضًا الطاقة والمناخ والاقتصاد الرقمي والتعليم والصحة والعمل (البطالة) والزراعة والتجارة.
لكن أزمةكورونا «كوفيد- 19» التي فرضت نفسها وبقوة على لقاءات القمة، أصبحت هي المحور والأساس، وتم تعديل أجندة اللقاءات لتصبح كورونا هي الأولوية والأكثر نقاشًا.
فقد اكتشف العالم أن هذا الفيروس الشرس سيصبح واقعًا مريرًا، سيزورنا في الأرض كل عشر سنوات، ومن واقع سجله ضمن الفيروسات السابقة، أن التطعيم قد لا يعمل حصانة للمصاب إلا لمدة (6) أشهر فقط ثم يصبح المصاب بلا حصانة، وقد تتكرر الإصابة، أي أنه ليس طارئًا بل شبه مستوطن كل عقد من الزمن، وبالتالي أصبحت أجندة القمة: الصحة، الوباء، الدواء، المناخ، إنعاش الاقتصاد، إسقاط الديون على الدول الفقيرة. وتراجعت طروحات المستقبليات واغتنام فرص القرن 21 .
العديد من المؤتمرات تتغير ترتيب أوراقها في اللحظات الأخيرة، لكن قمة العشرين 2020 تغيرت الأولويات جذريًا وكأن كورونا رتب للعالم أوراق العمل: الصحة والاقتصاد والديون والطاقة، فأخذت الصحة والوباء والدواء الأولوية، لأن الغرب أمريكا وأوروبا، وروسيا والصين والهند هي أكثر تضررًا في الإصابات والوفيات، ودول العالم تأثرت بالركود الاقتصادي والبطالة وخسائر الاستثمارات بسبب كورونا، خسرت حكومات وشركات ومؤسسات مواقعها، حتى انهزم العالم صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا أمام فيروس عنيد، وجر بعض الدول إلى الإنهيار والسقوط.
المملكة ساهمت بـ21 مليار دولار للتصدي لكورونا، ودعمت دولاً بالمساعدات لتتجاوز أزمة كورونا وكانت المملكة نشطة في التعاون مع دول العالم في المجال الاقتصادي والإنساني والاجتماعي لتخفيف أعباء كورونا التي بدأت أزمتها من ديسمبر 2019م، وهذا يشكل محورًا مهمًا يبين دور المملكة في الأزمات العالمية، وجاءت كورونا لتكشف للعالم حجم أدوار الدول من غير الغربية، ومدى إمكاناتها التي تؤديها، وأن دول الشرق الأوسط ممكن أن تؤدي أدوارًا عدة في التخفيف وحلول الأزمات الكبرى، وأن المملكة تقوم بمهام وأعمال إيجابية وناجعة في قضايا مختلفة مثل قضايا البيئة والمناخ والصحة العامة.
أذن المملكة من المحاور المهمة ليس في مجال النفط والطاقة وإنما في الأعمال الصحية والإنسانية والاجتماعية.