د.شريف بن محمد الأتربي
في وقت تشتد فيه الصراعات من حولنا وتزداد وتيرة الحروب في مختلف بقاع العالم بين الدول وبعضها البعض، وداخل الدولة الواحدة؛ تخرج المملكة العربية السعودية على العالم بقيادتها الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين - حفظهما الله- لتعلن للجميع أنها ليست مجرد عدد في دول منظمة الأمم المتحدة، ولا بقعة على خريطة العالم تحاول أن تجد لها مكانًا بين الكبار؛ بل هي من تقود الكبار.
إن ما رأيناه من ترحيب واعتزاز من كافة قادة العالم لقيادة المملكة لمجموعة العشرين- كأول دولة عربية إسلامية، وأول قمة افتراضية - إنما يدل على ثقل المملكة عالمياً، ويبرز دورها المهم والحيوي على كافة الأصعدة وفي كافة المجالات الحياتية والاجتماعية والصناعية، وقبل ذلك كله الصحية. حيث تقود المملكة تحالفًا عالميًا لمكافحة كوفيد - 19؛ وليس مكافحته فقط ولكنها -وكعادتها دائماً- تقود هذا التحالف لضمان توفير اللقاح المتوقع بدء إنتاجه قريباً للدول الفقيرة التي لن تستطيع تحمل تكلفة توفيره لمواطنيها.
لقد مثلت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - في مستهل الجلسة الافتتاحية نموذجاً واقعياً لما يجب أن يكون عليه العالم من التآلف والأخوة، والرغبة في العيش والتعايش بسلام بعيدًا عن صراعات لا يورط فيها سوى المواطن الضعيف الذي يبذل قصارى جهده للحصول على لقمة العيش له ولأبنائه وتوفير أبسط سبل الحياة. فمما قاله يحفظه الله عن هذا العام وتأثره بجائحة كورونا، أن هذا العام كان عامًا استثنائيًا، حيث شكلت جائحة كورونا أزمة غير مسبوقة طالت العالم أجمع خلال فترة وجيزة، وأن الأزمة تسببت في خسائر اقتصادية، ولا تزال جميع الشعوب تعاني هذه الأزمة، إلا أن المملكة وأعضاء المجموعة يبذلون قصارى جهودهم لتجاوز هذه الأزمة من خلال التعاون الدولي.
وقد أشار -حفظه الله- إلى المساهمات التي قدمتها المجموعة حين تعهدوا في قمة غير عادية في مارس 2020 بتخصيص الموارد العاجلة وأسهموا جميعاً بـ21 مليار دولار في الجهود العالمية للتصدي لهذه الجائحة، كما تم اتخاذ تدابير استثنائية لدعم اقتصادات المجموعة من خلال ضخ ما يزيد عن 11 تريليون دولار لدعم الأفراد والشركات، كما تمت توسعة شبكات الحماية الاجتماعية والفئات المعرضة لفقدان وظائفهم ومصادر زرقهم، ودعم الدول النامية من خلال مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الدين للدول المنخفضة الدخل.
ولعل من أبرز ما جاء في حديثه -يحفظه الله- الاستفادة من جائحة كورونا في معالجة جوانب القصور، وكذلك إبراز دول المرأة في التنمية، وتمكين الشباب، وتوفير فرص العمل، وتنمية الاقتصاد العالمي، والحفاظ على البيئة. وقد شدد -حفظه الله- خلال كلمته على أهمية العمل الجماعي والتعاون بين الدول لحل المشكلات التي تواجه العالم من خلال نظرة شاملة لها وبحيث لا تؤثر هذه الحلول في الأفراد وحياتهم وخاصة في المجتمعات الفقيرة.
إن قمة مجموعة العشرين الافتراضية التي استضافتها المملكة، ليست قمة عادية؛ ولكنها قمة جاءت في ظروف استثنائية ليست فردية ولكنها عالمية عانى منها كافة شعوب العالم وتشاركوا آثارها السلبية عليهم جميعاً مما أبرز للجميع أهمية الالتفاف والتوحد خلف القيادة الواعية التي تستطيع بعون الله تعالى وتوفيقه أن تخرج بالعالم من هذا النفق المظلم الذي دفعه إليه فيروس كورونا، وهذه القيادة الملهمة التي لم تترك شاردة ولا واردة أهمت العالم واهتم بها إلا وعرجت عليها موضحة حلولاً لها؛ هذه القيادة مقرها هنا في المملكة العربية السعودية على أرض الحرمين الشريفين وتحت راية لا إله إلا الله محمدًا رسول الله، قيادة حكيمة على رأسها سلمان وعضيده أبو سلمان، فاغتنوا يا شباب المملكة والعالم وأنهلوا من علمها وعملها واجعلوا من كلمات قادتنا نبراساً ونوراً لمستقبلكم ولغدكم الذي ستكونون فيها قادة لهذا العالم أجمع بإذن الله.