د.عبدالعزيز الجار الله
اختتمت قمة العشرين في الرياض يوم الأحد الماضي G20 بعد أن حققت المملكة نجاحاً سياسياً وتقنياً وعلمياً وإعلامياً، وقدمت للعالم صورة حية عن المملكة التي تقع جغرافياً في نهاية يابسة العالم كما يصفها الغرب نهايات جنوب غرب آسيا، وفي سجل الحضارات توصف حضارة الشرق الأدني القديم، وبلاد الرمال العربية، أي أنها بعيدة عن دول الإشعاع الحضاري الأوروبي في الغرب.
فقد قدمت السعودية أنموذجاً للدول ذات العراقة التاريخية، والدولة الحديثة التي تتعامل مع أحدث إنتاج التكنولوجيا، وهذا نجاح لتقنية غير منقولة بل تقنية تم توطينها، نمت وترعرعت محلياً في المدارس والجامعات والوزارات والهيئات والمؤسسات الرسمية، لذا لم تكن مفاجأة أن ننتقل وخلال أيام في بداية أزمة كورونا من النظام الورقي والتعليم المباشر عن قرب قاعات وطلاب، إلى التعليم عن بُعد، ومراجعات المستشفيات عن بُعد، وإنجاز المعاملات والمشتريات والتسوق والمبيعات وقطاع الخدمات عن بُعد، فقد كنا جاهزين منذ رفعنا قبل سنوات شعار جامعات ووزارات بلا ورق.
صحيح أننا فقدنا خاصية التجول الحي لرؤساء العالم داخل الرياض والمرور عبر طرقاتنا، واطلاعهم على تطورنا العمراني والحضاري، وسمات الطراز الشرقي وعراقة تقاليدنا، رغم أن الكثير من رؤساء العالم قد زار بلادنا ولديهم معلومات وافرة عنا، لكننا كسبنا احترام العالم بالتطور التقني والتنظيمي والإدارة الحديثة التي قادت باقتدار ومهنية نجاحات إقامة المؤتمرات عن بُعد، مدعمة بالثقافة الإدارية العالية.
هذا النجاح غير المسبوق داخل محيطنا المحلي والدولي يجعلنا نتقدم الصفوف ونعلن عن أنفسنا بأننا دولة تعتني بالتقنية تطبيقاً وتعاملاً وممارسة بقيادة حكيمة فتحت المجال لجيل من الشباب لصياغة نفسه وفق ملامح عصرية، وتقدم نفسه للعالم بأنه يمثل حاضرها ونفس الشباب الجديد الذي تشكل وسط مجتمع انفتح على معارف الدول عبر الابتعاث لجامعات العالم على مدى سنوات، كررتها بتفويج أجيالها حتى أصبحت سمة ومنهجية تتبعها مؤسسات التعليم الجامعي تهدف إلى تأصيل هذا السلوك التعليمي، الذي يقوم على التنوع المعرفي وتعدد مصادر التعلم.