الأعمال التجارية والمالية البريطانية تحبس أنفاسها ترقبًا لما هو قادم. قلة هم من يصدقون أن أي حكومة بريطانية يمكن أن تدفع الاقتصاد البريطاني إلى حافة الهاوية. بالتأكيد لا توجد حكومة عاقلة، مؤتمنة على رفاهنا الجماعي، يمكنها أن تفكر بهدوء في فرض عوائق تجارية هائلة على مواطنيها، وفوضى في النقل، ونقص في الأدوية، والأغذية، والتقنيات الرئيسية؟
وفضلاً عن ذلك، هناك ارتفاع في معدل البطالة بسبب عمليتي إغلاق وحالات إفلاس واسعة النطاق. حتى في حالة حدوث خروج من الاتحاد الأوروبي مع اتفاق بحده الأدنى، كما قال جون ميجور، سيكون الخروج أكثر وحشية بكثير مما يتوقعه أي شخص.
يجب أن تسود العقلانية وسيتم إبرام اتفاق يتجاوز بكثير مثيله المبرم بين كندا والاتحاد الأوروبي - والذي يقول عنه بوريس جونسون أنه كل ما يريده!
بينما أكتب هذا المقال، ومع مرور أيام لاستكمال المفاوضات وتأمين التصديق على الاتفاق، لا أحد يعرف على وجه اليقين إن كان سيحدث اتفاق من عدمه . رئيس الوزراء مهووس بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحزب المحافظين خاضع لألتراس خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الكثير من قوى المواجهة المحتملة، من المعارضة إلى الأعمال التجارية نفسها، تخشى من أن يتم تصويرها على أنها غير ديمقراطية.
ليس أمام بريطانيا من خيار سوى الانخراط على نطاق واسع مع القارة الأوروبية التي هي جزء منها. بريطانيا (الكونية) هي مجرد شعار آخر فارغ. كل ما سيحدث في الأول من يناير القادم ليس سوى بداية فصل آخر في علاقة بريطانيا بأوروبا. بالطبع سيتعين علينا عقد صفقات تجارية على كل شيء من الطعام العضوي إلى السيارات.
بالمثل، مع الخدمات، سواء كنا نتحدث عن التجارة في البيانات أو الاعتراف المتبادل بمعايير أيضا، يجب أن يكون هناك مكان لنا مع 450 مليون شخص على عتبة بابنا. فقط منظرو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مثل دونالد ترامب في إنكارهم للواقع، هم من يمكنهم التفكير بطريقة أخرى.
قبل ثلاثة أسابيع، تمكنت المديرة العامة للبنك التجاري الدولي المنتهية ولايته، كارولين فيربيرن، من جمع 71 جمعية تجارية وهيئة مهنية تشمل الاقتصاد البريطاني بالكامل تقريبًا، بهدف التوصل إلى اتفاق تجاري طموح - والتحذير من عواقب الخروج من الاتحاد الأوربي بلا اتفاق.
يؤكد إيان رايت، الرئيس التنفيذي لجمعية الطعام والشراب: «لن يعرض أي اتفاق للخطر قدرتنا على اختيار وجودة الطعام والشراب والقدرة على تحمل تكاليفهما» . ويشير ديفيد ويلز، الرئيس التنفيذي لشركة Logistics UK، إن الاتفاق «حيوي للحفاظ على حركة الشاحنات وسيحمي سبل العيش ويحفز الاستثمار.»
كان هناك المزيد من هذا الحديث في نفس السياق من المزارعين والمحاسبين القانونيين وصناعة الأدوية والسيراميك والمدينة ومصنعي السيارات والمطارات وشركات الطيران والطاقة والصناعات الإبداعية والتكنولوجيا الفائقة. لا أستطيع أن أتذكر مثل هذا الإلحاح والإجماع من كل زاوية وركن من الأعمال البريطانية على ضرورة التوصل لاتفاق للخروج من الاتحاد الأوربي.
ومع ذلك، حتى إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بحلول الأول من يناير 2021، مع كل الفوضى التي ستحدث، فلا بد من التفاوض على بعض الترتيبات خلال عام 2021، كما أقر وزير البيئة، جورج أوستيس، لمحطة بي بي سي في سبتمبر الماضي، بحجة أن ذلك سيجبر الاتحاد الأوروبي المتعنت أن يعود إلى رشده وكذلك الحكومة البريطانية.
الاتفاق الشامل يغطي السلع والخدمات والمعايير التنظيمية التي تحترم مصالح الاتحاد الأوروبي وهو أمر لا مفر منه. جونسون ببساطة لا يقول الحقيقة عندما يعلن أن كل ما تريده وتحتاجه بريطانيا هو اتفاق على الطراز الكندي، بلا كماليات.
بالنسبة للبيانات وحدها، قلب اقتصاد القرن الحادي والعشرين، فإن حدوث اتفاق هزيل ليس ببعيد . وعلى سبيل المثال فإن الاتفاق التجاري بين اليابان والمملكة المتحدة يسقط معايير الخصوصية والحماية اللازمة لتجارة البيانات . لا يستطيع الاتحاد الأوروبي السماح لصناعات الخدمات المالية البريطانية وشركات التكنولوجيا الفائقة بالانسحاب من الامتثال لمعايير بيانات الاتحاد الأوروبي، وإلا ستصبح بريطانيا مركزًا عالميًا لغسيل البيانات. بدون اتفاق بشأن معايير البيانات، كما حذر المدير الدولي لهيئة السلوك المالي الأسبوع الماضي، تقف الخدمات المالية البريطانية على حافة الهاوية. وكذلك الأمر بالنسبة لجميع الشركات البريطانية التي تنشر البيانات.
تحاول جماعة Grassroots for Europe، وهي شبكة مكونة من 200 مجموعة مؤيدة للاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء البلاد، أن تزيد من مكانتها من خلال حملة أصوات من أجل اتفاق أفضل تقوم بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع تسليط الضوء على اهتمامات الأعمال والتمويل والجامعات والقادة النقابيين.
** **
ويل هوتون هو كاتب في صحيفة (أوبزرفر) - عن (الجارديان) البريطانية.