فهد بن جليد
فيروس كورونا نال من الأخلاق الإنسانية كثيرًا. تحول في وقت من الأوقات من أزمة صحية إلى أزمة أخلاقية وإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. مواقف مؤذية، وتنمر، واستغلال، وتسفيه وتجاهل لحياة البشر.. كل هذا حدث في عام وأقل، تعرضت فيه إنسانية الدول والأفراد إلى امتحان صعب جدًّا، نجح فيه مَن نجح، وسقط فيه مَن سقط، عندما انكشفت فيه كثير من الأقنعة المستترة تحت غطاء الإنسانية والديمقراطية والمساواة ودعوات الأخلاق والشعارات الزائفة. الجائحة أظهرت للعالم بجلاء ووضوح - بفضل وتوفيق من الله - الموقف الإنساني المشرّف للسعودية وقيادتها، الذي سُجّل في صفحات التاريخ بماء من ذهب، وسنتذكره بفخر كلما تحدَّث العالم عن جائحة كورونا. لن أتحدث عن تباين المواقف العالمية، واختلاف المعايير الإنسانية والأخلاقية في التعامل مع الجائحة.
اليوم، وقبل نحو 33 يومًا على رحيل العام الصعب (2020م)، وبعيدًا عن المواقف الرسمية والخطوات التي بدأت الكثير من الحكومات والهيئات اتخاذها، قرأت مؤخرًا عن مبادرة لطيفة، أُطلقت في نابولي الإيطالية؛ إذ يدفع الناس رسوم (فحصَين) للكشف عن كوفيد- 19 بنحو 18 يورو؛ ليستطيع إجراء الفحص كل من لا يملك نقودًا في المدينة المكتظة بالسكان، على طريقة التبرع الشهير لمقاهي المدينة بـ(الفنجان المعلق) عندما يدفع الزبائن قيمة فنجانَي قهوة، واحد يرتشفونه، والآخر لمن لا يملك المال.
مثل هذه الأخلاقيات في أوروبا وأمريكا لم تعد تبهرني، وأظن أن كثيرين في عالمنا الثالث يتفقون معي. لقد كشف كورونا حقيقة الوجوه دون تجميل أو رتوش.. وأظن أن الشعارات ستبقى شعارات، بينما الأفعال الحقيقية ناصعة البياض في منطقتنا، وبلادنا السعودية تحديدًا، هي القصص الإنسانية التي تستحق أن تُروى في كل مكان؛ لتبهر العالم، وليس العكس.
وعلى دروب الخير نلتقي.