رمضان جريدي العنزي
بعض الشيلات تحفل بالعجائب، وتصدح بالغرائب، وجلها مبنية على أوهام وإقصاء وتهميش للعقل وتفخيم للذات والنحن، تحديات وعنتريات وأهواء ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها مكان في هذا الزمن الحديث الذي يعتمد على تفعيل العقل والفكر والعمل والإنتاج والابتكار، شيلات مغموسة بالهوى تثير العصبيات المقيتة والحزازيات وتحيي العنصرية البغيضة، فيها غلو ومكابرة وكلمات ممجوجة، كل ذلك من أجل إبراز أحداث جاهلية دفينة، وروايات باهتة، وحكايات مخترعة ومبالغ فيها، إثارة للفتنة، وزرع للبغضاء، وتحريضاً على الفصام النكد بين الناس، لا مكان لهذه الأشياء في الزمن الحديث، ولا لأي لون من ألوان التخلف الذي يفت العضد، ويمزق النسيج، ويحدث النعرات في جدار التلاحم الوطني.
إن ما يحدث من خطورة في كلمات الشيلات يجب الالتفات إليه، وعدم التغاضي عنه والتماهي، إن بمقدور القائمين على الشيلات أن يحولوها إلى نقاء وطهر وسمو ترقى بالذائقة والروح، بعيداً عن شهوات الميل والهوى، احتراماً للفهم والعقل والمنطق والإدراك واللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي الفريد والمميز.
إن الشيلات رغم هزالها، ضعفها ووهنها إلا أنها أخذت بتلابيب الناس، وصاروا يتمايلون معها طرباً ونشوة من غير فهم لخطورة المراد والمقصد والمبتغى، إن بعض الشيلات خطر داهم فيها براثن وتراشق ورمادية بائنة واضحة وجلية، إنها تحفر خنادق الغل في أعماق الناس، وهي بضاعة الأشقياء، الذين يتمادون في ظلالهم وغيهم، إنها سعار محموم يدفع أصحابها والقائمين عليها إلى اجتراح الأكاذيب، وألوان البهت، دون الإحساس بوخيم العواقب، إن هذه الشيلات غير المقننة آثارها رهيبة، وقد ترتد على أصحابها في نهاية المطاف، لأن الإمعان في الوقيعة بالتأكيد يضر بصاحبه.
إن هذه الشيلات لا تعطي امتيازات وليس لها تميز ولا تدعو إلى شحذ الهمم نحو التجديد والتحول نحو الأفضل والأرقى والأحسن، بقدر ما تدعو وتنادي إلى الرجوع نحو متاهات الماضي الأغبر الدفين، وسبخه الوحلة، ودروبه الوعرة المتعرجة.
إنني أدعو إلى الوقوف الجاد بوجه هذه الشيلات الزاحفة بقوة التيار نحو عقول أجيالنا، كونها سم يفتك بسامعيه ويدمرهم، طال الشوط أم قصر.