«الجزيرة الثقافية» - محمد هليل الرويلي:
على الرغم من الارتباكات التي أصابت العالم، جراء انتشار فيروس كورونا، إلا أن الكُتَّاب استغلوا تلك الفترة بالمنتج الكتابي والإبداعي، ومن بينهم الدكتورة (زينب الخضيري) التي انتهزتها فرصة لنشر روايتها من خلال دار «مسكيلياني» التونسية، بعنوان «على كف رتويت».
«الجزيرة الثقافية»، وفي اتصال مع الدكتورة زينب الخضيري مهنئة ومباركة، وفي سؤالها عن أبرز ما ضمته والمضامين التي تحمل الرواية، أشارت بداية «الخضيري» إلى ما كتبه عنها الناقد محمّد عيسى المؤدّب «بأنها رواية تخوضُ في عوالم المسكوت عنه وما خفي من الصراع والتناقض العلائقي الذي يحكم أفراد العائلة الواحدة، وأنّ الرواية تعرّي الواقعَ الموبوءَ بجُرأةٍ، إذ أنّ الكاتبة التقطت من الذّاكرة ومن الرّاهن العربيّ ومن المتحوّل العالمي لتبنيها غرفًا غرفًا على شاكلة غرف تويتر أو كما تُبنى أعشاشُ العصافير، هيّ حكاية المال والأعمال وسؤال الهويّة، وحكاية التّغريدات أو العالم الافتراضي الذي حوّل الإنسان إلى كائن افتراضيّ متكالب وهشّ، في صدام مع ذاته ومع الآخر، يخوض حربًا وهميّة من أجلال تّموقع السّريع والمزيّف، وحكاية الإنسان اللّغز الذي حوّل الحياة إلى حلبة جريمة واحتيال وغسيل أموال».
وتابع - والحديث للمؤدّب- إننا في رواية «على كف ريتويت» نقفُ أمام مرآة مشروخة لا نرى فيها وجوهنا المزيّفة والافتراضيّة، نتأمّل فيها بوجع ودهشة ذاكرتنا التّي أنهكها الصّداع وواقعنا الذي ينذر بالخراب، ونسأل السّؤال الأهمّ: لماذا صارت حياتُنا السّريعةُ مجموعةَ صور، فقط، مجموعة صور يتناقلُها العالمُ الافتراضيُّ في فوضى الأصل والتّقليد لا ليُسعدنا ويُصالح بيننا وبين قيمنا وإنّما ليُعمّق غربتنا وضياعنا ويُتمنا النّفسي والاجتماعي والإنساني؟
مكاننا المحبب
وعن اختيارها تويتر لتكون على كفه في الرواية قالت الدكتورة زينب «كان تويتر ثورة وفتح للتواصل مع الآخر، كما أنه منبر نقاش وحوار مباشر، وهو أداة من أدوات التواصل الفاعلة جداً، واحببت أن تكون ثيمة الرواية الخوض في عالم تويتر دون غيره لأنه بالنسبة لنا نحن السعوديين هو المكان المحبب للجميع، وحالياً أصبح وسيلة إخبارية نعتمد عليها، فهناك شبكة علاقات بين المغردين بشكل متناغم وعجيب تقرأ من خلاله المشهد الثقافي والاجتماعي والسياسي»، وتضيف الخضيري «هناك تفاعل من قبل المغردين مع كل ما يكتب، كل حسب اهتمامه وهي تتفاوت حسب ذائقتهم وتفاعلاتهم مع ما يطرح. فعندما يتفاعل معي المغردين أشعر بجدوى ما أكتب فعلاً وأستشف أنه وصل لهم من خلال التفاعل الفوري وكأنهم يضفون شرعية على ما نكتب».
وتقول الدكتورة زينب «إن دور الرواية هو أن تكون شاهدة على العصر، وقد كتبت عن عالم التويتر كمرحلة نمر بها ومررنا بها وقضاياها ومشاكلها النفسية والاجتماعية، وهي عمل انطلق من ملاحظة مرحلة معينة ربما يكون له امتداد أعمال في المستقبل لأكمل ما بدأت في هذا العالم الموازي».
وحول الرواية وإذا ما كانت تحمل رسائل داخلية أو على طريقة التغريدات: قالت الخضيري «لا أستطيع أن أحصرها برسائل، فكل ما أكتبه هو جزء من حياتنا وتطور تجربتنا بكل ما فيها من تناقض وأخطاء وسعادة وأَلم ومواقف وتأكيد للذات وصراع الإخلاص للنفس وعيش المشاعر الحقيقية الصادقة، اكتشاف لنفسك ومن تكون بالمواقف قد تكتشف أنك ضعيف أو قاسٍ أو أناني أو أي شيء مختلف عما كنت تعتقده».
الأونلاين و«النتفليكس» أخذ البطولة
وعن جديدها وإن كان هناك عمل أدبي قادم عن فترة الحجر المنزلي قالت «بالتأكيد، ولكن أثناء هذه الجائحة التي ما زالت قائمة حتى الآن، باعتقادي أننا لا نستطيع أن نكتب عنها بشكل واضح حتى نرى نتائج هذا الحجر، وكيف كان تأثيره علينا وعلى حياتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعلمية، مثلاً أبنائنا في دراستهم وتحصيلهم العلمي الذي أصبح افتراضيًا وعلى منصة هل فعلاً كان هناك تحصيل علمي استفاد منه الطلاب، هل سيسبب هذا فجوة علمية وسلوكية؟ في فترة الحجر كان عالمنا أونلاين نعمل ونتحادث ونعيش أيضاً، عالم «النتفليكس» أخذ دور البطولة و«التسوق الإلكتروني» كان هواية وأصبح إدمانًا، ثقافة فُرضت علينا بشكل حاسم والآن أصبحت ضرورة بعد أن كانت رفاهية، إزاء كل هذا التغيير هناك الكثير لنرويه»، وتصف ما حدث خلال هذا العام هو ثقافة «إحلال دون موعد مسبق، التساؤل الذي يدور في رأسي الآن.. كيف سنكون العام القادم.. هل نعود لما قبل الجائحة أم يستمر هذا التغيير المتسارع حتى بعد زوال الجائحة.. نتأمل ونرصد ونكتب».