في حادثةٍ عابرةٍ أو في معركةٍ كبرى ..
ربَّما يُصابُ الإنسانُ فيصير عُمرُهُ سِرّاً ..
يَهمِسُ بِهِ يومُهُ إلى غَدِه..
دونَ أنْ يَعرِفَ مخلوقٌ مَنْ سَيكونُ
آخرَ المستمعين إلى تلك الهمسة !
و بَعدَ مُدّةٍ حينَ يَصعَدُ الملاكُ
بِالرُّوحِ إلى بارئِها يُقالُ ..
( ماتَ إنسانٌ مُتأثِّراً بِجراحِه !)
أشعرُ أنَّ هذه العِبارةَ جَمَحَتْ في مَدارِجِ الفِكرَةِ ..
حتَّى آلَ إليها صَولَجانُ الإشارة..
أيّ جِراحٍ تلك التي تَتَّخِذُ الرَّمَقَ بِساطاً ..
تُحْيِي عَلَيهِ سَكْرَةً مِنْ شَعائِرِ الإيابِ الوَئِيدِ ..
إلى غُربَةِ الصَّلصال !
رَيثَما تَمِيدُ الأرضُ بِشاعرٍ
لَمْ تَحْفَلْ بِهِ أجنِحَةُ القَريحةِ المَعصومَة !
و لَمْ تَخْلَعْ عَلَيهِ بُردةَ السُّلوان !
وَ هُو يَحاولُ أنْ يَهَبَ للقَصيدةِ قَواماً مَمشُوقاً ..
مُرْهَفاً يَتَأرْجَحُ على بُعْدِ شِبرٍ مِنْ بابِ الغواية !
فلا يلوحُ في آفاقِ ذلك الشَّاعرِ قصيدةٌ مُفعَمَةٌ
تَسيلُ إشاراتُها على مُتُونِ ألفاظِها!
حتَّى تَستَويَ العِبارةُ آخرَ شأنِها
على ساقٍ مِنْ خيزران !
إنَّه الشَّاعرُ الذي سوفَ يَروي الرُّواةُ طَرَفاً مِنْ سِيرتِه
فَيُسرِفونَ في الرِّثاء ..?
وَ عِندَئِذٍ لَنْ يَقولوا ( إنَّه ماتَ مُتَأثِّراً بِجراحِهِ ) ..
و إنَّما سَيُقالُ : ( عاشَ )
( مُتَعَثِّراً بِجِراحِه ) !
** **
- فهد ابوحميد