محمد ناصر الأسمري
أرسل لي الدكتور عبد الله بن محمد الرشيد كتابه، حنابلة وعلمانيون، الصارد عن دار جداول لعام 2020م وهو بتقديم الصديق الدكتور رضوان السيد الذي كان من ضمن المتحدثين في نقابة الصحافة اللبنانية عام 2003 عن كتابي الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948م.
الكتاب في مجمله مقالات سبق أن نشرها الرشيد في الصحافة كما قال في مقدمته (بين عامي 2012 - 2018)، مشيراً إلى أنه حاول أن يقف على الصورة من جذورها ويستنطق مصادرها الأصلية، قارئاً تجلياتها على الواقع متجرداً قاصداً الوصول إلى الحقيقة.
لا أعرف سبب تأخر صدور الكتاب من زمن نشر موضوعاته كمقالات من عام 2008 إلى عام 2020م؟
أنا قد وقفت متسائلاً ربما بارتباك أمام عنوان الكتاب، حنبالة وعلمانيون، هل الواو حرف عطف أم معية أم استصحاب؟
هل حرف العطف أن الحنابلة علمانيون أم أن العلمانيين حنابلة أم هما متصاحبان؟
لكن لعل التوقف مع ما جاء في تقديم الدكتور رضوان السيد حين قال عن عنوان الكتاب: (عنوان المجموعة: حنابلة وعلمانيون هو صادم للقراء، لكنه للحق ما كان صادماً لي كثيراً، وكنت أؤثر عنواناً آخر مثل حنابلة ومختلفون، أو حنابلة على غير المعروف أو المعهود) وهذا ما اتفق عليه أنا أيضاً.
ويواصل رضوان السيد القول (وعلى أي حال، فإن الأستاذ الرشيد، كما يبدو من مقالات الكتاب، أراد أن يظهر في العنوان فرعين من المفارقة، فالحنابلة بعد أحمد تدخلوا في السياسة كثيراً من جهة، وأما المفارقة الأخرى فتتمثَّل في أن هناك حنابلة عديدين عبر التاريخ وفي الزمن الحاضر، كانت لهم مواقف يمكن اعتبارها ليبرالية، أو تحررية حتى في مقاربة الشأن الديني).
وختم الدكتور السيد مقدمته بالقول (لقد أوهمنا الكاتب البارع من العنوان أنه اكتشف في الحنبلية المتشددة علمانية مستترة، أو ظاهرة. أوهمنا أنه لم يغشنا نحن قراءة أو يخدعنا. ففي زمن الأصوليات والإحيائيات، كلها تزعم أنها سلفية, وتمت إلى أحمد بن حنبل والحنبلية بصلات وثيقة، لا تبدو الوهابية ولا الحنبلية بتلك الصورة المزعجة، بل هم أناس يظهرون انضباطاً شديداً، لكنهم ليسوا متطرفين، ولا عنيفين، والرشيد حنبلي، وليس علمانياً).
بررت المقالات وجود حنابلة وهابيين تخلوا عن تشدد معاصرين وسابقين في شأن التفكير بعيداً عن التكفير في بعض فروع الفقه وضرب الرشيد بالشيخ المحمود الذي ولي القضاء في قطر حين أرسله الملك عبد العزيز - رحمه الله- ثم استقر في قطر حتى وفاته - رحمه الله. الشيخ المحمود كانت له فتاوى وآراء مخالفة لمشايخ أساتذة له في مسائل متعددة اتسمت بنوع من التشدد.
الكاتب الرشيد قال في ص 15 (تتفق كثير من المرويات التاريخية الحنبلية والمستقلة على نهج الموادعة السياسية) وهذه لقطة ذكية بارعة فلعل هذا واضح في النهج السياسي الذي تم حين قامت الدولة السعودية، فكانت موادعة الدعوة الإصلاحية (الوهابية) للنهج السياسي الذكي من الإمام محمد بن سعود فتم التوحّد من أجل قيام كيان سياسي عظيم ما زال يثمر ويزهر بالوحدة الوطنية.
كل الشكر والتقدير لأخي الدكتور الرشيد الذي له من الرشد والرشاد من يجل المطالبة بتحديث مقالات متجددة تراعي التحول الزماني في مسيرة الوعي الفقهي السياسي.