اللواء الركن م. د. بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
في كل خطاباته وأحاديثه إلينا، التي تتصل بسيرة المؤسس، الملك عبدالعزيز آل سعود، طيَّب الله ثراه، والد الجميع، يؤكد قائدنا الأب اليوم الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في هذا الزمن الصعب، الذي لم يشهد العالم له مثيلاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، نتيجة جائحة كورونا الخطيرة القاتلة؛ وما ترتب عليها من تدهور اقتصادي، وخلل اجتماعي أصاب العالم كله بشلل تام، وما سبق هذه الجائحة من حركات تطرف وإرهاب خلطت الأوراق وزعزعت الأمن والاستقرار، وعطَّلت عجلة التنمية في كثير من بلدان العالم؛ يضاف إلى هذا ما تشهده منطقتنا خاصة من سباق محموم على النفوذ، حتى من إيران التي سخَّرت إمكاناتها كلها وقدرات شعبها للخراب والدمار، فجنَّدت عملاء لها في كثير من بلدان العالم العربي، فضلاً عن الهجمة الشرسة الثانية التي يعيشها العالم هذه الأيام مع إطلالة فصل الشتاء.. أقول، في كل خطاباته وأحاديثه إلينا عن المؤسس، يؤكد والدنا الملك سلمان، قائدنا في هذا الزمن الصعب، أن الملك عبدالعزيز آل سعود لم يأخذ حقَّه التاريخي من الكتَّاب والمؤلفين (ليس لكون عبدالعزيز رجلاً من رجال التاريخ فحسب، بل لما تميز به من صفات شخصية نادرة، وآثاره في توحيد المملكة العربية السعودية، وآثاره في العالم العربي والإسلامي والدولي ككل، والمنجزات الكبيرة التي حقَّقها الملك عبدالعزيز لوطنه ولشعبه وللأمتين العربية والإسلامية، ومناصرته لقضايا الحق والعدل والسلام في العالم، لن يرصدها مئة كتاب أو مئتا كتاب أو حتى ألف كتاب، بل ستستمر أجيال عديدة تكتب عن هذه المنجزات العظيمة)، مؤكداً مقامه السامي الكريم أن الملك عبدالعزيز من الرجال الأفذاذ في التاريخ، ولا يقول هذا لأن عبدالعزيز والده، وإن كان هذا فخر له على كل حال، إلا أن عبدالعزيز كان أباً لكل إنسان في هذه المملكة.
وبالمقابل يقول محدثكم اليوم، ما أشبه الليلة بالبارحة، فمثلما كان عبدالعزيز أباً لكل إنسان في هذه المملكة العريقة، فها هو ابنه الملك سلمان، أشبه الناس بعبدالعزيز خَلْقَاً وخُلْقَاً، قد أصبح اليوم أيضاً مثل والده المؤسس، أباً لكل إنسان في دولة عبدالعزيز، ليس لأنني أرى في مقامه السامي الكريم والداً لي بسبب ما يربط بيننا من صلة قربى وثيقة، وإن كان هذا فخراً لي على كل حال، مثلما يفخر مقامه السامي الكريم بانتمائه لعبدالعزيز، بل لأن سلمان مثل عبدالعزيز أيضاً، إذ يُعَدُّ من رجال التاريخ الذين لم يجدوا حقهم التاريخي من الكتَّاب والمؤلفين، وهو مثله أيضاً بما حقَّقه لبلاده وللعالمين العربي والإسلامي ولشعوب العالم أجمع. والملك سلمان قائد مسيرة خيرنا القاصدة اليوم مثل والده المؤسس أيضاً، إذ تعجز مائة كتاب أو مئتا كتاب أو حتى ألف كتاب عن رصد منجزاته العظيمة للجميع، ومناصرته لقضايا الحق والعدل والسلام في العالم؛ وسوف تستمر أجيال عديدة تكتب عن منجزات خادم الحرمين الشريفين، سيدي الوالد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود العظيمة، دون أن توفيها حقَّها.
أجل، ففي هذا الزمن الصعب الذي أطلَّت فيه الفتن والابتلاءات من كل جانب، وأحاطت ببلادنا من كل ناحية، عمل الملك سلمان بحزمه المعهود وعزمه، وحسمه المشهود، متسلحاً بثقته التي لا تحدها حدود في نصر ربِّه القوي العزيز، ثم بالتفاف شعبه حوله، مستنداً بعد توفيق الله سبحانه وتعالى لما وهبه الخالق من حكمة وحنكة وذكاء ينير البصيرة، وجلد يجعل عظائم الأمور صغيرة في عين قائد مدرك لأهمية رسالة بلاده السامية العظيمة، ولما يهدد استقرار العالم وأمنه وسلامه، ويعطل عجلة التنمية فيه.
ولأنه يعرف أهمية الحياة وقيمة الوقت الذي هو أثمن نعمة عنده بعد نعم الإيمان والصحة والعافية، عمل أبو فهد بجد وحزم وعزم وحسم، أربعاً وعشرين ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع الواحد، وصل فيها الليل بالنهار وهو ينكبُّ على العمل؛ فحوَّل بلادنا العزيزة الغالية هذه التي ليس مثلها في الدنيا وطن، إلى ورشة هائلة للعمل والإنجاز والإبداع، كما أكد مقامه السامي الكريم، محقِّقاً لبلاده ولشعبه في عهده الزاهر الميمون هذا، الذي تكاد سنواته القليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، ما عجز عن تحقيقه قادة بلدان آخرين كثر في عقود.
وقطعاً صحيح، لقد تفضَّل المنعم الوهَّاب عزَّ وجلَّ على بلادنا بخيرات وفيرة، لكن صحيح أيضاً أن القيادة الرشيدة هي أحد أعظم نعم الله علينا التي لا نستطيع حصرها؛ فثمَّة بلاد كثيرة في العالم، ربَّما يكون لديها أضعاف ما لدينا من نعم، مقارنة بعدد السكان وعوامل أخرى عديدة، يقدرها خبراء الاقتصاد، إلا أنه مع هذا، ما زالت شعوب تلك البلدان المغلوبة على أمرها تعيش اليوم عالة تتكفف الناس، منعوها أو أعطوها.. والسبب: فساد قياداتها.
فقد شرع قائدنا سلمان في العمل، لا أقول في اليوم الأول الذي اعتلى فيه سدَّة الحكم، بل في الساعات الأولى من فجر ذلك اليوم، مع أنه كان يوم عطلة رسمية، الجمعة 3 - 4 - 1436هـ، الموافق 23 - 1 -2015م، يوم أن ودَّعنا الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وجعل الجنة مثواه، إلى دار الخلد؛ إذ أعاد الملك سلمان هيكلة الدولة بدمج وزارات مع بعضها البعض، واستحداث وزارات أخرى جديدة، فشهدت البلاد في عهده الزاهر الميمون هذا، مشروعات تنموية هائلة في كل مجالات البنية التحتية من مستشفيات، طرق، جسور، جامعات، معاهد، مدارس، رياض أطفال، مدن صناعية عملاقة؛ فضلاً عن مشروعات الإسكان التي حقَّقت نجاحاً غير مسبوق على الإطلاق منذ عقود في معدل تمليك المواطنين السكن المناسب الذي يليق بهم ويحقق لهم ذاتهم، تجاوز المعدل العالمي؛ إضافة لاهتمامه بالمشروعات التقنية من ذكاء اصطناعي وغيره.
كما تم في عهد سلمان الخير تدشين رؤيتنا (2030) الذكية الطموحة التي تُعَدُّ أكبر خطة تحول وطني، التي هندسها ولي عهدنا القوي بالله الأمين، أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وجاءت مشتملة على حزم متكاملة من الإصلاح في كل مناحي الحياة، أبرزها المجالان الاقتصادي والاجتماعي بهدف تنويع مصادر الدخل، حتى لا يتأثر اقتصادنا، وبالتالي مشروعاتنا التنموية الحيوية بتذبذب أسعار النفط الذي كان إلى وقت قريب جداً يمثل مصدر دخلنا القومي الوحيد، وبدا أن السياسة تؤثر كثيراً على أسعاره. وهكذا يكون قائدنا البطل الفذ الملك سلمان، قد سحب البلاط من أقدام أولئك الذين يخلطون السياسة بالاقتصاد لتنفيذ أجندة سياسية مغرضة ضدَّنا.. غير أن هذا الأمر الخبيث الذي تفوح منه رائحة المؤامرة النتنة الدنيئة قد أصبح من الماضي، كما يؤكد ولي عهدنا القوي بالله الأمين أخي الأمير محمد بن سلمان.
يضاف إلى هذا، جذب الاستثمارات الخارجية، وتنفيذ برنامج التحول الوطني (2020) الذي أثبت نجاحاً منقطع النظير في تحقيق التوازن المالي؛ وحارب الفساد دونما هوادة، فأعاد لخزينة الدولة أكثر من مائة مليار ريال من أموال الدولة التي استولى عليها أولئك، ليعود نفعها على الشعب كله. وهكذا أصبحت الميزانية تسجل زيادة مطردة غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة، دونما حاجة لاعتماد النفط مصدراً أساسياً وحيداً، بخلاف ما كان يحدث سابقاً.
أما على صعيد الإصلاحات الاجتماعية، فقد مكَّن الملك سلمان قائدنا في هذا الزمن الصعب، المرأة التي تمثل نصف المجتمع وتنجب نصفه الآخر، من المشاركة الفعالة في تنمية بلادها، فأثبتت جدارة أدهشت العالم أجمع، ومثَّلت بلادها سفيرة مقتدرة متمكنة في أعظم دول العالم لأول مرة عبر تاريخها المجيد.
أما الشباب الذين هم عدَّة المستقبل، ورجال الغد الواعد وأمهاته، فلم يكن لقائد مثل الملك سلمان أن يغفل عنهم، فاهتم بأبناء البلاد المبتعثين للدراسة في الخارج، الذين ينتشرون في أكثر من أربعين دولة، تشمل قارات العالم كلها تقريباً، وأصدر أوامره الكريمة بإلحاق الدارسين على حسابهم الخاص بزملائهم المبتعثين على حسابه الشخصي؛ إضافة إلى دعمه اللا محدود للجامعات والمعاهد والمراكز العلمية والثقافية والأندية الرياضية؛ فحقَّقت الرياضة في عهده الزاهر الميمون هذا، نجاحات غير مسبوقة، فبجانب تأهل الأخضر للمشاركة في كأس العالم، شهدت بلادنا تنظيم عدد من البطولات العالمية في مختلف أنواع الرياضة.
أما فيما يتصل بشأن الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة التي تمثل ذروة سنام رسالة بلادنا السامية العظيمة، فقد أولاها قائدنا الملك سلمان جُلَّ اهتمامه، وحظيت لديه بأقصى درجة من الرعاية والعناية، من حيث التوسعة الشاملة الكبيرة الاستثنائية، وتأهيل المرافق وزيادتها، لزيادة طاقتها الاستيعابية أضعافاً مضاعفة، وتحسين الطرق التي تؤدي إليها، وقد شمل اهتمامه بها حتى مواقف السيارات، إضافة إلى توسعة مسجد قباء. ليس هذا فحسب، بل أسس هيئة ملكية خاصة للعناية بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة. ووفر للحجاج والمعتمرين والزوار من ضيوف الرحمن خدمات فندقية راقية، جعلت الحج رحلة سياحية سبع نجوم. وقطعاً، ليس هذا سرداً عاطفياً، بل عمل مخلص جاد دؤوب، يؤكده الواقع اليوم. فقد حقَّقت السعودية أول حج سجَّل أقصى درجة من المتعة والخشوع في العبادة في تاريخها المجيد؛ في أصعب وقت تعيشه البشرية كلها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بسبب جائحة كورونا التي أقامت الدنيا كلها ولم تقعدها.
ففي مثل تلك الظروف القاسية والوقت العصيب، الذي بدأ فيه مستنقع الشر يجمع معاول الهدم من كل شكل خبيث، وفن ماكر، من أبواق مأجورة لإعلان فشل السعودية في تمكين المسلمين من أداء فريضة الحج، فاجأت القيادة السعودية العالم أجمع، الصديق قبل العدو، بما أحسنت إعداده من خطة محكمة، مرتكزة على العلم والخبرة الثَّرة والتجربة الغنية، استنفرت فيها جهود أكثر من ثلاثين وزارة ومؤسسة حكومية، ناهيك عن المنظمات الأهلية الطوعية، لأداء أنجح حج في تاريخها، في أصعب وقت تعيشه البشرية كلها، عجز فيه كثيرون حتى عن توفير أوكسجين أو خافض حرارة لمصابيهم بالكورونا.
ومرة أخرى، يقف (الكبار) الذين أدهشتهم ريادة السعودية في محاصرة الوباء للخروج بأقل خسائر ممكنة، نتيجة ما تحلت بها قيادتها الرشيدة الحكيمة من فكر متقدم، وعزيمة ماضية، وما بذلته من جهد مضنٍ وعمل دؤوب؛ فقدمت العناية الضرورية اللازمة لكل الذين على ثراها الطاهر الطيب من مواطنين ومقيمين، بل شملت رعايتها حتى أولئك غير النظاميين الذين دخلوا البلاد تسللاً تحت جنح الظلام. كما زادت دهشة العالم أيضاً اليوم عندما أعلنت السعودية، دولة الرسالة والخير والريادة، التزامها التام بتوفير اللقاح مجاناً لكل أولئك الذين يعيشون على أرضها اليوم، بصرف النظر عن تصنيفهم.. وهكذا تبقى دولة عبدالعزيز تدهش العالم منذ تأسيسها إلى الأبد إن شاء الله، لعلو همة قيادتها، وتكاتف شعبها والتفافهم حول قيادتهم الرشيدة.
فأشاد طبيب العالم الذي أذهلته قدرة السعودية في إدارة الحشود، وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لها، بتجربة السعودية ونصح الذين يسمون أنفسهم (كباراً) بتأملها والاستفادة منها.. فخاب مسعى مستنقع الشر الذي لم يكن لتفكيره القاصر المريض مساعدته على استيعاب تلك الحقيقة الراسخة التي تؤكد للجميع، باستثناء أولئك المكابرين من المرضى الذين على أعينهم غشاوة: دولة الرسالة لن تعطل فريضة الله، وإن ضحَّت من أجل إقامتها بالدم والروح؛ فتلك هي رسالتها السامية العظيمة التي من أجلها تأسست، ولأجلها عملت، وستظل تعمل بإذن الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولن تسمح أبداً للصدفة أو للظروف الطارئة أو حتى لرعاة الشر أصحاب الأفكار الدنيئة المريضة في العالم كله، ليس في إيران وتركيا وقطر فحسب وإن اجتمعوا، بمجرد التفكير في تعطيلها، مهما بذلت في سبيل ذلك من جهد ومال وعمل وعرق وتضحيات غالية، بل حتى إن استدعى الأمر التضحية بالدم والروح كما تقدم، لن تتخلى السعودية عن الاضطلاع برسالتها التي يغبطها عليها الصديق ويحسدها عليها العدو، وأنعم بها من رسالة.. وهل ثمَّة نعمة أعظم من شرف رعاية بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم، وخدمة ضيوف الرحمن؟!.
أما فيما يتعلق بمجال الأعمال الخيرية، التي شبَّ عليها قائدنا إلى الخيرات سلمان وشاب، فلم يكن لأحد أن ينافسه فيها، فبالإضافة لاهتمامه الزائد برعاية المحتاجين في بلاده من أيتام وأرامل ومطلقات وعاطلين عن العمل وذوي دخل محدود وكبار سن وذوي احتياجات خاصة، وتوفير كل المعينات الضرورية اللازمة التي توفر لكل أولئك الضعفاء حياة كريمة آمنة، أسس مقامه السامي الكريم (مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الخيرية العالمي)، الذي يهب لمد يد المساعدة والعون حيثما كانت هنالك حاجة أو صرخة استغاثة، حتى إن جاءت من دول مستنقع الشر، فلا هوية للخير في قاموس سلمان راعي الخير، إذ درج على تقديمه لمستحقيه بصرف النظر عن عقيدتهم، عرقهم، لونهم، جنسهم أو حتى مذهبهم السياسي، استناداً إلى رسالة بلاده السامية العظيمة التي هي يد طولى ممدودة بالخير للبشرية كلها باختلاف مسمياتها، كما يصفها قائدها.
وقد رأى العالم كله البيان بالعمل في دعم مركز الملك سلمان الخيري العالمي هذا للأشقاء في اليمن، كما امتدت يد الخير الطويلة حتى للأنذال الحوثيين في صنعاء الذين يتحرشون ببلادنا تنفيذاً لأجندة الشيطان الأكبر في قم، الذين تمد لهم السعودية أغصان الزيتون، فتأبى أنفسهم التي تغلغل فيها الشر حتى أخمص القدم، إلا أن تعيد إلينا أغصان الزيتون تلك طائرات مسيرة مفخخة، كعادتهم دائماً في الترويج لبضاعة الشر ومعاول الهدم، لاستهداف منشآتنا الحيوية التي طالما فاض خيرها المدرار على اليمن الذي كان ذات يوم سعيداً، في كل مجالات التنمية منذ عهد المؤسس، بل إن يد السعودية الطولى امتدت حتى إلى الشيطان الأكبر نفسه، فما زال العالم كله يذكر لنا هبَّتنا الصادقة يوم ضرب زلزال عنيف قرية بام في إيران، فدمَّر القرية بكاملها.
فقد عرف العالم السعودية منذ تأسيسها: حامل مسك، إما أن تبتاع منه، أو تجد ريحه الطيبة، على العكس تماماً فيما يتعلق بدول مستنقع الشر التي عرفها العالم: نافخ كير، إما أن يحرق ثيابك أو تأتيك منه رائحة منتنة. بل شمل خير مشروعات الدولة العملاقة التي تنفذها بلادنا في عهد سلمان الخير، بعض الدول العربية الشقيقة، كمشروع نيوم العملاق الذي يُعَدُّ أحد أبرز المشروعات العالمية المهمة، إذ فاض خيره ليشمل الأردن ومصر.
من جانب آخر، يعمل قائدنا سلمان بحزمه المعهود خلال هذه المدة الوجيزة من عهده الزاهر الميمون، على ترسيخ علاقات بلاده مع كل دول العالم التي لها تأثير واضح في السياسة والاقتصاد، فقام بجولات خارجية شملت أمريكا، روسيا، الصين، الهند، باكستان، أرض الشمس المشرقة، إندونيسيا، ماليزيا، مصر وغيرها. وحقَّق لبلادنا مكانة عالمية مرموقة جعلت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انتهت مدة ولايته بفوز منافسه جون بايدن عليه، يزور السعودية في أول زيارة له خارجية، في سابقة غير معهودة في تاريخ رؤساء أمريكا السابقين الذين اعتادوا اختيار وجهات أخرى لزياراتهم الأولى لما لها من أهمية بالغة ومدلولات سياسية كثيرة.
وتحولت الرياض في عهده المبارك هذا، إلى خلية نحل شهدت عقد قمم كثيرة متنوعة: سعودية - أمريكية، إسلامية - عربية - أمريكية، خليجية - أمريكية... إلخ. إضافة لتعاقب قادة دول العالم كبيرها وصغيرها في زيارات مستمرة للرياض عاصمة المجد التليد، الحاضر الزاهر والمستقبل المشرق السعيد؛ فما تغادر طائرة هذا، إلا تحط طائرة ذاك في مختلف مطاراتنا الدولية التي تنتشر في ربوع بلادي الحبيبة، ناشدين قصر العوجا للحصول على الدعم والمساندة والمشورة والرأي السديد.
وبالطبع، لن يكون آخر تلك الاجتماعات والمؤتمرات المهمة المسؤولة التي حفلت بها الرياض، مؤتمر مجموعة العشرين الكبار الذي ترأسه مقامه السامي الكريم مؤخراً، بل قل إنه حقَّق بفكره المتقدم إنجازاً غير مسبوق في تاريخ هذه المجموعة الاقتصادية العالمية المهمة، بجمع قادتها مرتين خلال مدة رئاسية واحدة، فقد سبق الاجتماع الافتراضي الأخير هذا، الذي عقد يومي (21 - 22) من شهر نوفمبر لعامنا هذا، اجتماع استثنائي مماثل ترأسه مقامه السامي الكريم أيضاً من أجل مناقشة الوسائل المناسبة التي تمكن العالم من مكافحة جائحة كورونا، وما تخلِّفه من تبعات شديدة الوطأة، لاسيَّما على الصحة والاقتصاد والمجتمع برمَّته في كافة أرجاء المعمورة.
وصحيح، كما جاء في مقدمة مقالي هذا، ربَّما احتاج الباحث المنصف إلى مجلدات عديدة لكي يوثق سيرة قائدنا سلمان وإنجازاته المدهشة، وربَّما تزداد الدهشة والذهول عندما يتذكر الإنسان أن هذه الإنجازات العظيمة وغيرها كثير مما لا يتسع المجال لذكره، تحقَّقت في مدة وجيزة، تكاد لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، إلا أنه عندما يتأمل الباحث المنصف حياة هذا الرجل البطل الفذ، الذي جاء يحث الخطى على درب عبدالعزيز آل سعود، معزي صفوة أولاد وايل، نسل الرجال اللي كثيف فخرها، اللي عدل كل مايل بعون الله؛ أقول عندما يتأمل الباحث المنصف هذا الواقع المشرق، سرعان ما تذهب دهشته، فقد كانت حياة قائدنا سلمان حافلة بالعمل والإنجاز والإبداعات الاستثنائية حتى قبل أن يتولى الملك، بل إن إنجازاته تلك لم تكن تقتصر على الداخل فحسب، إذ عمل بجد وعزم وحزم وحسم كما عهده الجميع دائماً، من أجل خير العرب والمسلمين والعالمين أجمعين؛ فجاء إلى الحكم جاهزاً، خبيراً متمرساً وإدارياً مبدعاً، متدثراً بتجربة عميقة متجذرة في فنون الحكم الرشيد والإدارة الذكية الراقية، بعد نصف قرن قضاه في إمارة منطقة الرياض، التي هي صورة مصغرة لهذه المملكة الفتية القارة؛ نقل خلالها العاصمة الرياض من مدينة صغيرة تحيط بها أسوار من جميع الجهات، وبوابات تغلق بعد صلاة العشاء مباشرة لتفتح بعد صلاة الفجر، إلى أحد أسرع عواصم العالم نمواً وازدهاراً، لتتحول اليوم إلى لوحة فنية رائعة فيها بصمة سلمان في كل ركن وناحية، بما تمثله من مركز عالمي مهم للعمل والسفر والتجارة والاستثمار. كما خبر سلمان ولاية العهد والوزارة؛ فجاء إلى الحكم بتجربة غنية، تفوق تجربة كثير من رؤساء دول العالم.. ولذا لا أحد يستغرب اتخاذه تلك القرارات الحاسمة في الساعات الأولى لتوليه سُدَّة الحكم؛ بل لا أحد يستغرب أيضاً أكثر تلك القرارات شجاعة وحكمة وذكاءً وحنكة، التي جاءت بعد شهرين فقط تقريباً من توليه الحكم، حفاظاً على الأمن القومي السعودي، الخليجي، العربي والعالمي عموماً، باستهداف الحوثيين أذيال مستنقع الشر في قم وعملائهم، إذ داهمتهم خيل سلمان الجامحة لتأخذهم على حين غرة فجر الخامس من شهر جمادى الآخرة 1436هـ، الموافق للسادس والعشرين من مارس 2015م، في عاصفة حزم ما تزال رياحها العاتية تصد معاول الشر عن ديارنا ومقدساتنا وخليج خيرنا.
وعلى صعيد آخر، تصدى مقامه السامي الكريم لغطرسة إيران وغرورها بشكل حاسم حازم، لم يسبقه إليه أحد من قبل في المنطقة العربية، فمرَّغ أنفها بالتراب في العراق، سوريا، لبنان وما زالت خيله الجامحة تدك حصونها في صنعاء التي استولى عليها عملاء إيران في اليمن من الحوثيين المغيبين، كما تصدى قائدنا سلمان بقوة وحزم لما تبثه إيران من شر في الداخل، فقطع كل أذيالها بحسمه المعهود، وعزمه الذي لا يفتر، وحزمه الذي يفل الحديد، حتى أصبحت بلادنا خالية تماماً من حركات التطرف والإرهاب التي طالما راح ضحيتها أبرياء كثر.
والحقيقة، لا بد لي أن أؤكد هنا أيضاً أن عمل قائدنا سلمان الخيري لم يقتصر على الداخل فحسب حتى قبل أن يتولى الحكم، فقد ترأس لجان التبرعات لفلسطين التي تمثل قضية السعودية الأولى، مصر، الجزائر، باكستان، سوريا، الأردن، السودان، بنغلاديش، البوسنة والهرسك؛ إضافة لترؤسه اللجنة المحلية التي كانت معنية بتقديم الدعم والمساندة للأشقاء الكويتيين إثر الغزو العراقي الغاشم قبل ثلاثة عقود؛ فضلاً عن تلك اللفتة البارعة أثناء اجتماع مجموعة العشرين الذي ترأسه مقامه السامي الكريم في الرياض مؤخراً، إذ شدَّد على ضرورة دعم الدول الفقيرة بتوفير العلاج واللقاح ضد هذه الجائحة التي حيَّرت العالم، بل امتدت يد خيره طويلاً ليؤكد على ضرورة إعفاء تلك الدول الفقيرة من فوائد الديون لمساعدة اقتصادها على التعافي، كما ناشد القادة المجتمعين للاستفادة من هذه التجربة المريرة لجائحة كورونا، والاستعداد لما قد يستجد من جوائح مستقبلاً لا قدر الله، حتى لا تؤخذ البشرية على حين غرة كما حدث مع الكورونا؛ والعمل في كل المجالات بكل همَّة ونشاط لضمان استدامة العالم، وتوفير حظ أوفر من العيش للأجيال المقبلة، وضمان أمنها واستقرارها، تأكيداً لأهم مقاصد شريعتنا السمحة، التي تحض على ضرورة حفظ النفس البشرية، بل أصبحت قيادتنا الرشيدة اليوم بفكرها المتقدم وحزمها الأكيد، تحض المعنيين على ضرورة إعادة صياغة المنظمات العالمية المهمة كمنظمة التجارة العالمية ليعم الخير الجميع، مثلما أكد ولي عهدنا القوي بالله الأمين في بيان الرياض الختامي لاجتماع مجموعة العشرين الذي حظي باستحسان جميع القادة المجتمعين فتبنوه. يضاف إلى هذا السجل الحافل بالعمل والإنجاز والخير، ما قدمه قائدنا سلمان من دعم سخي لمنظمة الصحة العالمية، وما قدمه للدول الأكثر حاجة، بما فيها الصين عندما تقطعت بها السبل، واحتار بها الدليل حين فاجأتها الجائحة بليل بينما كان التنين يغط في نوم عميق.
فلا غرو إذاً إن نال قائد قافلة خيرنا القاصدة سلمان الخير على جهوده الغزيرة الخيرة هذه التي تكاد لا تحصى، وأفكاره النيرة، أعظم الأوسمة والأوشحة، وتقلَّد أعلى الشارات، ومُنِح أعظم الجوائز من مختلف بلدان العالم، كبيرها قبل صغيرها؛ لكن يبقى أبرزها شهادة بهذا الجهد الاستثنائي المخلص لملك الخير، بجانب جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام التي تلقاها من مؤسسة الملك فيصل الخيرية: (درع الأمم المتحدة لتقليل آثار الفقر في العالم)، الذي يشهد بجهد سلمان الخير للبشرية كلها عربيها وعجميها، أصفرها وأحمرها، دونما تفرقة لأي سبب؛ حاديه في هذا قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، الذي أرسله ربُّه رحمة للعالمين: (في كلِّ ذات كبد حَرىَّ أجرٌ).. وغير هذا كثير الحقيقة مما لا يسع المجال لسرده هنا، ربَّما نستعرضه معاً لاحقاً.
ولا غرو أن تعطي برامج الرؤية في عهده الزاهر هذا، أُكُلها رطباً جنياً في كثير من المجالات الحيوية المهمة حتى قبل أوانها، لاسيَّما فيما يتعلق بتنفيذ برامج التحول الوطني (2020). ولا غرو أيضاً أن يصنف البنك الدولي في عهد سلمان، السعودية واحدة من بين أفضل عشرين دولة إصلاحية في العالم. ولا غرو أيضاً أن تحرز بلادنا في عهد سلمان الخير هذا، مراكز متقدمة في مؤشرات التنمية العالمية الإيجابية في كل المجالات، خاصة في التقنية. فقد شهد عهده الزاهر الميمون أكبر عملية إصلاح هيكلي في تاريخ البلاد.
ولهذا وغيره كثير مما يعجز الباحث عن حصره ووصفه، أقول: ما تجديد البيعة التي هي قائمة في أعناقنا إلى الأبد إن شاء الله، لقائد مسيرتنا الظافرة ملك الخير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إلا نزراً يسيراً من عرفاننا وامتناننا وشكرنا وتقديرنا لما قدمه لنا قائد قافلة خيرنا القاصدة من إنجازات مدهشة خلال مدة وجيزة جداً من عهده المبارك.. ويبقى القادم أعظم إن شاء الله.
ويبقى سلمان الفخر والمجد.. طيِّب الراس، للعز نوماس، وذخرٍ لكل الناس، وتبقى الشهادة علمنا، كما أكد أخي أبو بندر، دايم السيف.
ويبقى الوطن:
هذا الذي له موضعٍ بين الأجفان
والقلب مشكاة المصابيح ضيَّه
ويبقى السعودي:
لهيب المجد والناس دخان
(شربه) سحاب وشرب (غيره) البقيه
ورص البيارق من طريفٍ لنجران
وخل السريه تزدحم بالسريه
ونبقى:
حنا هل التوحيد للمجد عنوان
أصل الشرف والدين واليعربيه
في كفنا تطرب وتلعب بالارسان
خيلٍ لها العليا حياة ومنيه
ويبقى:
شتان بين العز والذل شتان
العز ما يوخذ ويعطى هديه
أما كسبها العدل والسيف شامان
ما يكسبه صبرٍ ولا طيب نيَّه
كما أكد أخي بدر البدور، مهندس الكلمة.
وختاماً.. يبقى:
الوعد أن نظل على العهد إلى الأبد إن شاء الله، سلماً لمن سالم سلمان، وخنجراً مسموماً في خاصرة كل من عاداه.