د.عبدالعزيز الجار الله
بدأت خريطة الجامعات السعودية تتغير منذ بداية الألفية الثالثة، ما بعد عام 2000م وخلال الـ20 سنة الماضية، تم تغيير خريطة الجامعات بالتحول التدريجي والسريع لأهم الكليات العريقة مثل كلية العلوم - وهي أم الكليات العلمية - تحويلها في الجامعات الناشئة إلى خلطة تخصصات بمسمى كلية العلوم والدراسات الإنسانية، والجامعات (الأم الكبيرة)، وجامعات المناطق قلَّصت كلية العلوم أو ألغت تخصصات الكيمياء والفيزياء والرياضيات والاحياء والجيولوجيا، أما الجامعات الناشئة فقد ألغت تماماً أو همَّشت هذه التخصصات، وهذا يعود لان وزارة التعليم توقفت عن تعيين خريجي هذه التخصصات في المدارس، لتشبع المدارس بمعلمي هذه التخصصات ووصل عدد الهيئة التعليمية إجمالا إلى 600 ألف معلم ومعلمة.
استعجلت الجامعات في إغلاق وتحجيم ودمج هذه التخصصات تحت ضغط حاجات ومتطلبات سوق العمل، ورأي وأهواء التجار وسوق العمل، وقد صدمنا بواقع اليوم أن مستقبل الحياة: العسكرية والاقتصادية والتجارية والطبية والطاقة والصناعية والمياه والأمن الغذائي والتعدين تقوم على هذه التخصصات في كلية العلوم: الأحياء والكيمياء والرياضيات والفيزياء والجيولوجيا.
لقد فرطنا في تخصصات حيوية لتقديم جيل من المتخصصين والمبدعين في الصناعات الحربية فقد افتقدنا تخصصات كلية العلوم الفيزياء والرياضيات في صناعة الصواريخ العابرة والطائرات المسيرة والقنابل الموجهة والأقمار الاصطناعية.
في حرب الفيروسات والعدوي افتقدنا تخصصات كلية العلوم الاحياء والكيمياء التي كانت تغذي المختبرات بالخريجين وأساتذة هذا المجال.
في الطاقة خسرنا العديد من المهندسين في مجال الجيولوجيا علم الطبقات والمياه والنفط والغاز والتعدين.
تمت الاستجابة لمتطلبات سوق العمل بالقطاع الخاص لأكثر من 20 سنة، حتى تحولت الجامعات إلى معامل تفصيل ومقاسات للتجار ورغبات سوق العمل المحلي، ورغم مطالب القطاع الخاص، فانه لم يستوعب الخريجين، وما حدث هو زيادة في أرقام البطالة.