«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
فاز الهلال كالعادة.. وحقق لقباً جديداً يضاف لألقابه الـ60 لتصبح 61 بطولة رسمية خلال عمره الذي وصل لـ63 عاماً، وهذه معادلة يصعب على غير الهلال تحقيقها، فالفارق بين عمر الكيان الهلالي وعدد بطولاته لا يتجاوز بطولتين فقط، وقد نرى قريباً بطولات الهلال تتجاوز عمره، وهذا ليس ببعيد طالما يسير الفريق الهلالي على «نهج» واضح واستراتيجية رُسمت منذ الأزل ليسير عليها جميع رؤسائه منذ تأسيسه، والعنوان الرئيس لهذه الاستراتيجية هو «الهلال أولاً» ومن ثم تأتي البقية، إذ يأتي رؤساء يكملون عمل من سبقهم ومن ثم يرحلون، ويأتي لاعبون يحققون الذهب ويرحلون، ويأتي مدربون ويحققون الألقاب ويرحلون، ويبقى الهلال شامخاً كبيراً لا يهتز برحيل أحد مهما كان اسمه.
الهلال كيان كبير وعظيم، أسسه شيخ الرياضيين عبدالرحمن بن سعيد -رحمه الله- على أُسس واضحة وقيّم رسخها في عقول جميع المنتمين للنادي، لتصبح هذه السياسة متبعة من جميع من ينتمي للهلال منذ ذلك الوقت وحتى الآن، وهذه أحد الأسباب التي جعلت الهلال يعتلي منصات الذهب، ويكون الفريق الحاضر دائماً والثابت في منافسات كرة القدم السعودية والعربية والآسيوية.
بالأمس حقق فريق الهلال اللقب التاسع على مستوى بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين، واستطاع أن يوسع الفارق البطولاتي بينه وبينه أقرب منافسيه «فريق الاتحاد» لتصبح الضعف، وهذا رقم كبير جداً، فما بالك بمن بعد الاتحاد من الفرق التي يتجاوزها الهلال بطولاتياً بأكثر من الضعف.
تاريخ الزعيم العالمي مشرّف، ويرفع رأس كل هلالي، ومن حق كل هلالي أن يفخر ويفاخر بهذا النادي العريق.. يفتخر بمن أسسه -رحمه الله- ويفتخر بمن مر عليه من رؤساء وأعضاء شرف عملوا على رفعة اسم الزعيم عالياً حتى أصبح زعيماً للقارة الآسيوية، ويفخر ويفاخر بمن مر عليه من نجوم وأساطير كان لهم دور كبير في جعل فريق الهلال «ثابتاً» في جميع المنافسات منذ عقود طويلة.
الهلال الذي يقوده اليوم الأستاذ فهد بن نافل، ويقف خلفه الأمير الوليد بن طلال كداعم رسمي ورئيس له، سنقف له احتراماً وتقديراً لما قدمه للرياضة السعودية، فهذا الرئيس الذي جاء بسيرة بسيطة وغير معروف سابقاً في الأوساط الرياضية، تغلب على الجميع، وحقق كبرى البطولات «دوري أبطال آسيا» تلك البطولة التي ظلت مستعصية على فريق الهلال طوال 15 سنة، ولم تتحقق سوى في عهد ابن نافل، ويجمع معها الدوري «الاستثنائي» دوري الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، وهذه كانت صعبة على أي فريق تحقيقها، أما المستحيل على أي فريق فهي جمع تلك البطولتين ببطولة خادم الحرمين الشريفين، فتلك البطولات الكبرى لا يمكن جمعها في موسم واحد إلا من فريق «استثنائي» وعظيم، ويسير وفق «منهج» واضح.
بالأمس، وبعد نهاية المباراة، تحدث قائد فريق الهلال سلمان الفرج مع مراسل إحدى القنوات الرياضية، ليسأله الأخير وماذا بعد، قال علينا التفكير في مباراة الفتح يوم الخميس المقبل...! هذا الحديث دل على «نهج» الهلال الذي تتوارثه الأحيال الهلالية جيلاً بعد جيل.. الفرح بتحقيق البطولة لا يتجاوز وقتها، ومن ثم التفكير في البطولة التي تليها.
هنيئاً للزعيم العالمي بهكذا سياسة واستراتيجية ونهج، وهنيئاً لنا في الوسط الرياضي تواجد فريق بحجم الهلال نستطيع أن نراهن عليه أمام كل الفرق العربية والآسيوية، بل الأوروبية واللاتينية، فما قدمه الهلال في كأس العالم للأندية أمام فريق الترجي التونسي ومن ثم أمام فريق فلامينجو البرازيلي يجعلنا نقول بأن الهلال كمنظومة محترفة يستطيع مجاراة أكبر الفرق.