سلمان بن محمد العُمري
من الأوصاف والصفات الجميلة التي يطلقها العامة على ذوي الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة كلمتين جميلتين فيقال: فلان «هيِّن .. ليِّن»، وهذا الوصف الجميل جاء في السنة النبوية فقد روى الترمذي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بمن يحرم على النار، وبمن تحرم النار عليه، على كل هين لين قريب سهل».
فما أجمل من يتحلى بهذين الخلقين الجميلين ويكون قريباً من قلوب الناس قبل أن يكون قريباً من أجسادهم ويألفهم ويألفونه، ويحبهم ويحبونه في هاتين الخصلتين الحميدتين من الفضل والخير ما يجمع بين خيري الدنيا والآخرة فصاحبهما محبوب من الناس، محبوب من الخالق ولذلك بشَّر الرسول -صلى الله عليه وسلم- صاحبهما بأنه يحرم على النار وتحرم النار عليه.
إن هذا السلوك يحتاج إلى مجاهدة النفس حتى تبلغ فيها درجات الكمال، ويحتاج إلى الصبر على الأذى وهي من كمال الإيمان لدى المسلم، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- «المؤمنون هينون لينون، مثل الجمل الأنف الذي إن قيد انقاد، وإن سيق انساق، وإن أنخته على صخرة استناخ، فحسن الخلق يسوق صاحبه إلى الجنة ويحرمه على النار، الله سبحانه وتعالى كما أخبرنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- يحب الرفق، ويعطي عليه ما لا يعطى على العنف، والله تعالى يحب الرفق في الأمر كله، وأسوأ الأخلاق والسلوك أن يكون الإنسان ودوداً وهيناً ليناً مع البعيدين فظاً غليظاً مع أهله وأقربائه وزملائه والمحيطين به، وغالب ما يتصفون بهذه الصفات هم أصحاب المصالح والأخلاق التجارية الذين لا يدوم ودهم ولا محبتهم فيعودون لطبيعتهم بعد انقضاء مصالحهم.
إن المحروم هو من كان قاسي القلب والمعاملة لا يعرف السماحة واللين جانباً ينفر منه القريب والبعيد لفظاظته وغلظه وجفائه وقسوته، لا يسدي خيراً لا بقول ولا بعمل ولا تسمع منه إلا القدح والمعيبة والسب والشتائم، في حين أن الفائز والسعيد من سار على الهدى والتقى وكان هيناً ليناً ويحسن التعامل مع الخلق وعنده من الصبر والسماحة والفضل والإحسان باللسان وبالبنان ما يبلغ بها كمال الإيمان، ولا يعرف الحسد ولا التباغض ويعامل المسلمين كأنهم إخوانه فلا يظلمهم ولا ينصر عليهم وتراه يحب لغيره ما يحب لنفسه ويحسن الظن بالآخرين، ولا يبخس الناس أشياءهم ولا يتوقف أمره على الإنصاف فحسب بل يزيد على ذلك بالإحسان، وإسداء المعروف وقضاء حوائج الناس رحيماً بالخلق ساعياً في قضاء حوائج الناس بلا من ولا أذى.
وشتان شتان بين شخص لين الجانب وتراه سمحاً مع الناس محباً للخير، وبين آخر فظ غليظ ينفر الناس منه ولا يطيقونه، وبئس أخو العشيرة من كان هذا حاله فلا يألف ولا يؤلف، ولا يُحبُ ولا يُحَب وهذه صفة المنافقين والمخالفين وليس من صفات المؤمنين المتقين، فالصلف والتجبر والاستعلاء والفظاظة صفات أهل الضلال.
يقول أحد الحكماء في وصيته لابنه: أطع قومك يحبوك، ألن جانبك يسودوك، وأكرم صغيرهم يكرمك كبيرهم، وينشأ على محبتك صغيرهم.
اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدى إليها إلا أنت، وأحرف عن الشقاق والنفاق وسيء الأخلاق يارب العالمين.