الجزيرة الثقافية - محمد هليل الرويلي:
كشفت القاصة والروائية حليم الفرجي أنّ القرية حاضرة في سردها في قضاياها كما أثرت البيئة المحيطة في نصوصها، إذ كانت القرية والبؤس والفقر وبكاء الأمهات وخيبات النساء حاضرة في نصوص حليم السردية بقوة، مضيفة أن موقفها الرفض تجاه من يلقي باللوم على النّقاد محملًا إياهم إبراز الأعمال خلال معالجة النصوص السردية لننعم بمشهد نقدي موازي تشرئب له الأعناق في المنابر الثقافية والصحافة الثقافية والإصدارات التي تحفل بالاحتفاء بالأعمال الإبداعية قائلة: برأيي - لا متهم ولا ضحية- النص الجيد يُثبت نفسه والكاتب الجيد يفرض نفسه، مهما ترصد له النّقاد ومهما بلغت قوة النقد .. الكاتب الطمُوح هو من يستفيد من النقد ويروضه ليجعل منه سُلّمًاً لا حفرة تموت وتنتهي عندها مسيرته. وقالت للثقافية إن الخيال سيد الموقف في كتاباتها «فنحن نعيش ما حُرمنا منه في الخيال.
والأمر نفسه حين نكتب فنحن نعبر عن الكثير على ألسنة أشخاص خياليين ونمضي في حياة حرمنا منها في شخصية البطل وهذا هو التفسير لذلك الشعور الذي ينتابنا كلمنا ازدحمنا بنص فنفرغ كل ما بِنَا من خلاله ونخرج مستهلكين تماماً وهذا أشبه بعملية المخاض».
نحو المقبرة على أكتاف الرجال
وبالعودة لبداياتها وعلاقتها بالإصدارات بينت الفرجي: بدايتي في الطباعة كانت مع روايتي «سلمى» التي تحكي قصة فتاة قروية، عانت من بداية زواجها المبكر إلى أن بنت نفسها بعد أن مَرّت بكثير من الخيبات التي جعلت منها أقوى. ثم كتاب «الباب» وهو بمثابة صرخة من خلف الباب المقفل لفتاة اكتفت بمراقبة الحياة عبر نافذتها ولم تجرؤ على عبور الباب إلى آخر يوم في حياتها حين عبرته على أكتاف الرجال نحو المقبرة.
بعد ذلك صدرت مجموعتي القصصية «أرض الموتى» وهي المجموعة الفائزة بجائزة سمو الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان (جائزة جازان للتفوق والإبداع) عن المجال الأدبي. حقيقة كانت هذه الجائزة بمثابة غيمة أمطرت على قلبي الفرح وكأنها تفسير المثل لكل مجتهد نصيب، إضافة إلى أنها جاءت بعد عدة خيبات.
وفي معرض إجابتها على سؤال تناول قائمة الأسماء الآسرة من القاصين والروائيين - عربيًا وعالميًا- وتركت بصمة تأثير شكّلت ذائقة حليم الأسلوبية وأثّرت على تجربتها السردية أوضحت: منذ مراهقتي صحبني الرافعي الذي أدمنت كتبه، فقد عشت مع كتاباته وعشقتها وتقمصتها، بعد ذلك بدأت اقرأ روايات عديدة مترجمة من الأدب العالمي، إلى أن اقتنيت كتب أساتذتي عبده خال و عمرو العامري وأحمد الحربي والراشدي وخالد اليوسف وجبير المليحان وفاطمة الغامدي وغيرهم ممن تأثرت بتجربتهم وتتلمذت بين أغلفة رواياتهم وقصصهم.
الأندية الأدبية للأقل إبداعاً
وعن الفُرص التي تمنحها الأندية الأدبية في منابرها لإحياء الأماسي وموافقات رؤسائها على طباعة الإصدارات ومنحها للجوائز أكدت حليم الفرجي: أنه ليس كل الأندية تمد يد العون للكاتب أو تُسخر الصعاب أمامه أو تكون عوناً له، فنحن نرى كثيرًاً من الفُرص وقد أُعطيت لمن هم أقل إبداعاً، لطالما عانينا من الشللية و «ارفعني وارفعك» واكتساح ثقافة المصالح. أقول - البعض وليس الكل- هناك أندية أرفع لها القبعة دعمت الجميع وحرصت على إعطاء الفرص للجميع. وكما قلت في النهاية الكاتب الجيد والنص كذلك هو من يثبت نفسه.
وكشفت الفرجي عن شعورها بألم يجتاحها في المعدة جراء الزّحام الذي خلفته الشبكات الرقمية ومواقع التواصل وجاء مُدّعوه زاعمين ارتداء جلابيب الإبداع القصصي (قصيرًا أو ومضة) بطرح خديج واهمين أنهم أصحاب إمضاء مُدهش! يصحبهم جناية من وصفتهم - المطبلاتيه - وقالت: تصدق أني أكره هذه النصوص الرديئة ويصيبني ألم بالمعدة! ولا أستطيع ابتلاع هذه النصوص أو كتابها وأود لو كان لدي سُلطة على أغلب (قروبات الواتساب) هي من أعطى هؤلاء الجرأة لكتابة هذه النصوص، إضافة لبعض الصحف، أيضًا ساهم بتواجدهم (فئة المطبلاتية!) ولكن نعود ونقول ليكتبوا ما شاءوا فالقارئ ذكي ومثقف ولديه القدرة على التفريق إذ مهما حاول البعض خداعهم في النهاية لا يصح إلا الصّحيح. كما أنّ القصة بخير وكتابها لا زالوا يتربعون فن السرد وإن حدث شيء من الخيبة في مشهدها يعود ذلك لوجود ممتهني الكتابة دون دراية وبسبب «اختلاط الحابل بالنابل» في مجال إبداعي كثُر مُدّعوه.