أ.د.عبد الله بن سليم الرشيد
ما أجملُ الأشياء! قالت نجمةٌ:
ضوئي، وقال النخلُ: سحرُ عذوقي
وأجاب رملٌ: بل تنهُّدُ أضلعي
لمُسامرٍ، والغيمُ قال: بروقي
* * *
ما أجملُ الأشياءِ! قالت جمرةٌ:
حطبٌ ينازعُ تحت غيظِ حريقي
قال الغبارُ: شهيقُ مختنِقٍ وقا
ل البحرُ: أجملُهنّ وجهُ غريقِ
* * *
يا للحياة! أكلما نسجَ الضحى
هبّتْ عجوزُ الليل للتمزيقِ؟
الماءُ إكسيرُ الوجود، وطالما
طاشتْ به النزوَاتُ للتغريقِ!
والجمرُ يغمزُ مقلتَيه لسامرٍ
وفؤادُه شرِهٌ إلى التحريقِ!
يا للحياة! ألا يرتّلُ طيرُها
سجعًا، فلا يغشاه طيشُ نعيقِ
ضدٌّ يمالئُ ضدّه، وحقيقةٌ
تلدُ المجازَ، ويابسٌ كوَرِيقِ
تتواكبُ الأضدادُ في أعراسِها
وتدقُّ طبلةَ خانقٍ مخنوقِ
وتسوقُ أوزاعًا، فمِن متيقّظٍ
غافٍ! ومِن متديّنٍ زنديقِ!
وأظلُّ أرقبُها كمسرح فارغٍ
شبعتْ تفاهتُه من التصفيقِ
وأشدُّ منها في الضلالِة صدريَ
الـمجنونُ ينقضُ زفرةً بشهيقِ!
أبكي وأضحكُ! أستقيمُ وأنحني!
ويلوحُ خلفَ تُقايَ وجهُ فُسوقي!
ومعي انتظارُ المستحيلِ بفكرةٍ
حمقاءَ: أن يلدَ الظلامُ بَريقي
والريحُ تكتبُني وتمحوني معًا
فألوحُ مثلَ طلاسمِ الإغريقِ
والعقلُ يصطادُ الظنونَ مغامرًا
في غابهنّ كصائدٍ إفريقي
بشرٌ، وأوّلُ ما اصطفتْ بشريّتي
هَجْرُ الجنانِ! وما لقيتُ طريقي
* * *
لو صِيغَ ليْ العمُرُ القشيبُ لعشتُ في
قدحٍ يمالئُ رغبةَ الإبريقِ
وظللتُ أعطي ما أخذتُ، ولم أَلـِنْ
متخيِّرًا إلا لكفِّ صديقي
يا حسرةَ الأحداقِ حين يـَخالُها
الـعُشّاقُ لم تُتقنْ سوى التحديقِ!
* * *
لو آمنتْ بالجودِ كلُّ نفوسِنا
إيمانَ نحلٍ باصطفاءِ رحيقِ
إيمانَ بحّارٍ برأفةِ موجةٍ
ويقينَ شطٍّ بانتشالِ غريقِ
وتَيَقُّنَ المرعى بشمسٍ حُرّةٍ
ما أخلفتْ يومًا زمانَ شروقِ
لتبرّج الخِصْبُ الشهيُّ، وأفصحتْ
أرواحُنا عن عاشقٍ معشوقِ
* * *
لن تبلغَ الشطآنُ غايةَ أُنْسِها
حتى تفسّرَ رقصةَ البطريقِ