فيصل خالد الخديدي
يمرّ الفنان بمراحل عدة بعد تنفيذ أعماله الفنية، ورغبته في عرضها، سواء في صالات عرض خاصة أو حكومية، من خلال معارض شخصية أو جماعية. ومن المراحل التي يفترض أنها روتينية وتنظيمية رغم أهميتها، إلا أنها لا تمثل عائقًا أو عبئًا على الفنان كما هو حاصل مؤخرًا في الساحة التشكيلية المحلية، هي مرحلة تصاريح عرض الأعمال الفنية، أو ما يُعرف بإجازة عرض الأعمال، سواء تشكيلية أو فوتوغرافية. وهو أمر إداري تنظيمي، يُقصد منه عدم تجاوز الأعمال المعروضة لمخالفات دينية أو أخلاقية، أو مخالفات قانونية بمختلف مستوياتها.
ولقد مرت تصاريح أو إجازة المعارض الفنية بمراحل عدة في مسيرة الفنون المحلية، تولت مهمتها العديد من المؤسسات الحكومية؛ إذ كانت في البدايات تُشكَّل لجان من مؤسسات عدة، يتكون أعضاؤها من مسؤول من رعاية الشباب، وآخر من وزارة الداخلية، وثالث من هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكانت هذه اللجان غالبًا ما تفتقر للرؤية الفنية، وتهتم بالجانب النظامي وتطبيقاته برؤيته الصورية المباشرة والسطحية التي تفتقر للقراءة العميقة. وبعد ذلك برز دور بعض لجان الفنون التشكيلية بفروع جمعية الثقافة والفنون في إصدار تصاريح إجازة المعارض الفنية بالتشارك مع أعضاء من إمارة المناطق ومن هيئة الأمر بالمعروف، ولم يستمر ذلك طويلاً، وتباينت أدوار فروع الجمعية في تقديم إجازة المعارض، وكانت بشكل اجتهادات فردية تختلف دون أن يكون هناك تنظيم واضح وموحد؛ لتتولي بعد ذلك إمارات المناطق تصريح وإجازة المعارض الفنية لسنوات، بالتنسيق مع وزارة الثقافة والإعلام أو مَن يمثلها. وفي هذه المرحلة زادت المشقة على الفنان في انتظار التصاريح التي ربما تستغرق أكثر من شهر انتظارًا لصدور تصريح وإجازة ليقيم معرضًا لأعماله. ومرت فترات أُوكل فيها أمر تصاريح إجازة الأعمال في بعض المناطق بالسعودية لصالات العرض، ولكنها لم تستمر طويلاً لوجود بعض التجاوزات التي حدثت من بعض صالات العرض؛ لتعود التصاريح إلى صلاحيات إمارات المناطق.
وفي جميع مراحل مسيرة تصاريح إجازة المعارض كانت تقدم للفنانين بشكل مجاني من خلال لجان بالمؤسسات المعنية. وبعد تأسيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بدأت بمنح تصاريح إجازة الأعمال في المعارض بالتنسيق مع إمارات المناطق بشكل اجتهادي مشترطين في البداية سريان عضوية الفنان بالجمعية؛ ليصل الأمر مؤخرًا لفرض رسوم مبالغ فيها لمنح إجازة عرض أعمال الفنانين.
إنّ جعل الباب مواربًا في مسألة تصاريح وإجازات الأعمال الفنية جعل العشوائية والاجتهادات التي لا تعود بالنفع على الفنان، ولا على الساحة التشكيلية، تظهر وتثقل كاهل الفنان، وتجعل من قضية يسيرة وهامشية عقبة أمام الفنانين؛ يبحثون عن حل أو تحايل عليها.. ومن المأمول أن تتعامل وزارة الثقافة مع هذا الموضوع اليسير في إجراءاته، والمهم في وجوده بشكل فعال واحترافي؛ فالصالات الفنية المتخصصة قادرة على إصدار تصاريح وإجازة عرض الأعمال، وتتحمل مسؤولية عرضها. وأي تجاوز يُرصد من أي معروضات يتم سحب تصريح الصالة وإغلاقها. وتكون التصاريح عن طريق بوابة إلكترونية تحت إشراف وزارة الثقافة، وباطلاع لجنة مختصة. وتحتوي هذه البوابة على صفحات لكل صالة عرض وجاليري، من خلالها يتم إدخال أعمال كل معرض، وإصدار تصريحه إلكترونيًّا في وقت قصير دون أي تكاليف مادية مرهقة أو تأخير وتعطيل، ولا حتى تجاوز في المعروضات.