د. صالح عبدالله الحمد
قرية الشويحطية بمنطقة الجوف الواقعة على بعد (47)كم شمال غرب مدينة سكاكا بمنطقة الجوف تقع على أحد أهم المواقع الاستيطانية في العالم، الذي يعد أقدم مستوطنة بشرية في آسيا، وثاني أقدم مستوطنة بشرية في العالم. عمر المستوطنة (1250) مليون سنة، وتعد أقدم موطن بشري استوطنه الإنسان. وتُبيِّن الشواهد الأثرية والملتقطات من الموقع أن المنطقة مرت بازدهار منذ العصرين الأشوري والبابلي. كما يأتي ذكر المنطقة في المصادر المدونة.
والشويحطية موقع أثري مهم جدًّا؛ وصدرت لأجل ذلك تعليمات من الجهات ذات العلاقة بتكوين فريق علمي متخصص بالآثار لمتابعة ذلك، وإعداد التقارير اللازمة حوله. وهناك -حسب مشاهداتي- اهتمام كبير من وزارة السياحة والآثار، واهتمام كبير بالآثار والتراث الوطني والمتاحف المختلفة.
سيكون للشويحطية -بمشيئة الله- أهمية كبيرة جدًّا للمهتمين بالسياحة والآثار والتاريخ على مستوى العالم حالما تنتهي تلك الدراسات بمشيئة الله.
ومساهمة من وزارة السياحة والآثار بالتعريف بالشويحطية، وأهميتها الأثرية والتاريخية، نظّم مجلس التنمية السياحية بمنطقة الجوف للسياحة فعالية هايكنج الشويحطية الثاني في يوم الجمعة 1442-4-19هـ، المقام قي قرية الشويحطية التاريخية بمنطقة الجوف، وذلك بمشاركة أكثر من (220) مشاركًا من مختلف مدن ومحافظات المملكة، ومن الفئات العمرية كافة، وقطع المشاركون أكثر من (10)كم.
وقد وُضع لهذا الحدث التراثي والثقافي خطة مسبقة، شملت استقبال المشاركين في مساكن أنيقة وجميلة للضيوف كافة القادمين من خارج مدينة سكاكا، كما تم تحديد أماكن الانطلاق والتوقف، وتجهيز كل المستلزمات لضمان المشاركين. ولقد أعد مجلس التنمية السياحية بمنطقة الجوف برنامجًا ثقافيًّا بمقر السكن للضيوف ليلة الجمعة، اشتمل على كلمات ترحيبية وإيضاحات مهمة عن أهمية قرية الشويحطية بشكل خاص، ومنطقة الجوف بشكل عام، من قِبل بعض المسؤولين والحاضرين المشاركين. وفي نهاية هذا البرنامج الثقافي الجميل سلم الأستاذ ياسر بن إبراهيم العلي الأمين العام لمجلس التنمية السياحية الجهات المشاركة وبعض الضيوف الدروع، ثم دُعي الجميع لوليمة العشاء الفاخرة التي أُعدت بهذه المناسبة تكريمًا للضيوف المشاركين، تخللها بعض الأحاديث الطريفة. وبعد العشاء شكر الحاضرون جميعًا كرم الضيافة والحفاوة البالغة من قِبل المسؤولين عن هذه الفعالية، وتفرق الجميع بعد ذلك. وفي الصباح، وفي حدود الساعة العاشرة، توافد المشاركون في هايكنج الشويحطية في المكان المعد للاحتفال وبداية الانطلاق بعد صلاة الجمعة في قرية الشويحطية. وقد أُعد برنامج للمساهمة في غرس بعض الأشجار، أسهمتُ -بحمد الله- به وأخي عبد اللطيف الدعفس مع الدكتور عبدالله القويز وشباب متطوعون متحمسون من أهل المدينة، يدفعهم رضا الله سبحانه، ثم الحب والإخلاص لهذا الوطن الغالي (المملكة العربية السعودية). وقد أسمينا الشجرة التي قمنا بغرسها شجرة الزلفي؛ لتكون رمزًا حاضرًا مستمرًّا لهذه القرية الجميلة وسكانها الطيبين. وعند أذان الصلاة للجمعة توافد المسؤولون والمشاركون لتأدية الصلاة، وبعد الانتهاء توافد الجميع لمقر الاحتفال المعد الذي تشارك به الدوائر الحكومية كافة. وقد أُقيمت الكلمات الترحيبية والإيضاحية بشرح وافٍ عن الشويحطية وأهميتها، وعن رياضة الهايكنج وأهميتها، ومن ثم أُعلن البدء بانطلاق الفعالية التي تم التنظيم لها تنظيمًا دقيقًا، ووُفرت لها الاحتياجات كافة، الأمنية والصحية والإرشادية، والمياه. وبدأ المشاركون بهمة ونشاط، وأنهوا الفعالية -بحمد الله- بعد أن أكملوا المسافة وهم يلهجون بالدعاء والشكر بعد الله للداعمين والمنظمين لهذه الفعالية من الأجهزة الحكومية كافة، كلٌّ في مجال اختصاصه. وبعد ذلك ودّع المشاركون المكان بعد توديعهم من قِبل المسؤولين بالحفاوة والتكريم بمثل ما استبلوهم. بعد ذلك كان هناك فعالية أخرى ثقافية، هي زيارة متحف الدكتور نواف بن ذويبان الراشد من إعداد وتنظيم واهتمام الأخ الشاب الأنيق والمثقف بارك الله له بذلك الأستاذ أسامة العويش. واستقبلنا الدكتور نواف بمبنى متحفه الأنيق، وقدم لنا القهوة والشاي وبعض المأكولات المتنوعة التي تنم عن كرمه وأخلاقه، ثم أخذنا إلى متحفه الأنيق ذي المقتنيات النادرة، والجميلة، وشرح لنا بإسهاب عن تلك المقتنيات، واستفدنا من الشرح كثيرًا، وأضاف إلى معلوماتنا المتواضعة الشيء الكثير. وفي ختام ذلك أهدى لي مشكورًا كتابين من تأليفه عن تاريخ منطقة الجوف ونبات السمح بالجوف. بعد ذلك ودعناه ونحن نلهج له بالدعاء والتوفيق لكرمه وتواضعه ونبل أخلاقه، وإضافة معلومات ثرية، استفدناها منه ومن متحفه الأنيق.
وفي نهاية هذه المقالة المتواضعة أشكر جميع معدي هايكنج الشويحطية بمنطقة الجوف على كرمهم، وحسن استقبالهم، واهتمامهم، وتواضعهم، والجهات الأخرى المشاركة كافة، والإخوة المشاركين بالفعالية كافة، وأرجو من الله العلي القدير للجميع الصحة والعافية والتوفيق.
والسلام عليكم ورحمة الله.