رمضان جريدي العنزي
الفاشلون يعيشون فقط في الحلم والتمني والوهم والتوهم والخيال، هم مثل الذي ينفخ في الرماد، أو مثل الذي يحاول أن يمسك الماء بيده. الفاشلون صناع رسوب، وليسوا صناع نجاح، لا يتقنون حمل الأعباء والأحمال والمسؤولية، واقعهم الرخو انعكاس لذواتهم المتكلسة، أكتافهم هشة وليست متينة، ولا يعرفون النظرية والتطبيق، انهزاميون، يعكسون فشلهم وخيباتهم على الآخرين، منغلقون لا يميزون بين واقع الحال والتحدي، لا يفهمون الدروس ولا يستوعبونها، لا يحبون التطور والتغير، ولا يحاولون أن يحولوا الأفكار إلى تطبيق ذكي لكي ينجحوا، يجيدون الثرثرة والتنظير والفلسفة، ولا يجيدون الفعل والعمل، يحاولون أن يمشوا في الطرق الممهدة الناعمة السالكة، ويتجنبوا الطرق الوعرة، لا يقدرون الأمور بشكل متقن، ويستعجلون النتائج، ولا يملكون الاستعداد الكامل للتضحية، ويجيدون تبرير الأخطاء وخلق الأعذار الواهية، كسالى، يتذمرون دائمًا، وإراداتهم واهنة ضعيفة، يهدرون الوقت، ولا يهتمون بالأشياء المهمة، أعداء للنجاح، ويمقتون الناجحين، يتفوقون في الانتقادات والتهويل والتقليل من شأن الآخرين الناجحين؛ كون طاقاتهم الإيجابية قاصرة، عندهم إحباط يكتنف الأفق، لا يحبون الإنجازات، ويتضعضعون تحت وطأة الأفكار البويهمية، خصوم للنجاح، ويجأرون بالشكوى والتشكي، ما عندهم طموح، وإرادتهم غير صلبة وليست قوية، والأشياء المهمة يرمونها في سلة المهملات، يكتفون بالأوهام والأحلام، متنمرون، يمارسون إسقاط الآخرين، وذواتهم مبددة، لا يروق لهم أي شيء، وفي دواخلهم يتمنون أي شيء، ليس لهم خطط في الحياة، إنما يقفون حائرين مترددين وفق إرباك ذهني وعصف روحي لا يسمح لهم بدخول معركة الحياة نظرًا لوهنهم وكسلهم ورخاوة تطلعاتهم، ليس لهم غاية؛ لذا يحرمون أنفسهم متع الحياة، وفرص الكسب. الناجحون من حولهم يكافحون ويكسبون إلا هم يتمددون في سرر وثيرة، يلتحفون أغطية ثقيلة، وستمتعون بالدفء، ويحلمون أحلامًا فاخرة.
إن للفكر براعة فائقة، ومقدرة عجيبة على الإنتاج والإبداع، إلا أنه من العجب العجاب أن هؤلاء الفاشلين لا يسمحون لأنفسهم بالجد والمثابرة ومشاركة الآخرين العمل المثمر، والإنتاج الفائق والتنمية. إن الأحلام العقيمة الفارغة، والأوهام التافهة، لن تنجز شيئًا البتة، لكن التركيز القوي الفاعل المتبع بالحركة هو الذي يحمل قدرة الفكر على العمل الذي يؤدي للنجاح، أما الجلوس فقط، والتفكير في المُثل العليا والأحلام الباهظة، فهذا سهل وميسر، لكنه لا ينفع ولا يجدي ولا يؤدي لنتائج باهرة، بل على هؤلاء الحالمين إذا أرادوا أن يحققوا المثل العليا، والصعود نحو القمم، فعليهم بتحويل طاقاتهم إلى أنماط وأشكال أخرى قابلة للتحقيق والتفوق والاستدامة. ولكي ينجحوا عليهم التعب والسهر والمكابدة بعيدًا عن الاسترسال في الوهم والخيال، والعيش في الحلم والتمني.