د.شريف بن محمد الأتربي
يعاني أغلب المواطنين في كافة أرجاء المملكة من مشكلة الصيانة بمعناها الواسع والشامل لكل شيء يوجد داخل المنزل أو خارجه، وحتى في حال كان المنتج مشمولاً بالصيانة لفترة محددة فهذه الصيانة تم تحميلها على سعر المنتج وليست هبة من البائع، والذي لن يتنازل عن هللة واحدة من مربحه للزبون مهما كانت الدوافع والأسباب. والمشكلة تأتي بعد انتهاء فترة الصيانة، حيث تبدأ الطامة الكبرى والمعاناة الدائمة والتنغيص المستمر في حياة المواطن، وهو التساؤل الملح والحوار الدائر بين الجميع في كل المجالس: تعرف لي أحد يسوي صيانة أو يصلح لي كذا؟
وقد دفعني لهذا المقال ما حدث معي شخصيا خلال اليومين الماضيين، فقد أظهر مؤشر السيارة انخفاض الهواء في واحد من الإطارات وعليه فقد دخلت أول محطة وجدتها أمامي حتى لا تتعطل السيارة بي في الطريق أو تؤثر على سير الطريق، ودخلت إلى البنشر وعرضت له شكواي وما لبث أن تفحص السيارة ليقول لي: هناك مسمار في الكفر، قلت تمام صلحه، كم تبي؟ يقول البنشرجي مبلغا ما لنبدأ في التفاوض حوله حتى وافق على تخفيض سعر تركيب قطعة لحام داخلية إلى 35 ريالاً. ولا أتكلم عن التكلفة هنا ولكني سألته لماذا؟ فكان رده أن حجم الكفر كبير وسيرهقه في العمل. طلبت منه أن ينهي العمل حتى لا أتأخر وأعطيته الأجر مقدما، وخلال 5 دقائق تقريبا كان قد أنهى المعاناة التي وصفها لي ووضع في جيبه مبلغ التصليح. سألته من باب الفضول كم سيارة تستقبل يوميا لإصلاح البنشر فقط. قال: حوالي 10 - 15 سيارة. وعندما قارنت بين قيمة اللصقة التي استخدمها والوقت الذي قضاه في تركيبها وجدت أني قد أضعت 30 عاما من عمري في التعليم هباء، فما يحققه هذا العامل من مدخول يفوق أضعاف ما نتقاضاه نحن التربويين في التعليم.
ولم يكن جل همي فقط احتساب قيمة الخدمة مقابل التكلفة، ولكني نظرت إلى باقي خدمات الصيانة التي يتم تقديمها من الإخوة المقيمين للمواطن فوجدت أنها تنطوي على غلاء كبير؛ بل كبير جدا، وهذا الغلاء يتفاوت حسب طبيعة الشخص بالنسبة للعطل نفسه، فما يطلب منك لإصلاح عطل ما ربما يطلب نصفه أو أضاعفه من شخص آخر.
إن ما يحدث في سوق خدمات الصيانة بكل أنواعها وأشكالها أصبح عبئا على المواطن وفيه ثقل على ميزانيته، والحل يبدأ أولا بتسعير الخدمات المقدمة، فأنا أتذكر في الزمن البعيد أن الحلاق كان يضع تسعيرة الحلاقة في مكان بارز من المحل، فلماذا لا يتم وضع تسعيرة لكل خدمات الصيانة خاصة مع توافر كل الوسائل التي تشير إلى أسعار القطع المطلوبة، فقط نحتاج إلى تحديد أجرة اليد العاملة.
والحل من جانب آخر هو تشجيع أبنائنا على خوض غمار الأعمال اليدوية، فبدلا من التفحيط والسهر ليلا بلا أي داع وإزعاج السكان في الحارات والتسبب في حدوث مشاكل تعلمها الجهات المختصة في البلاد، فلو اتجه هؤلاء الأبناء نحو العمل اليدوي الذي يجمع منه المقيمون مئات الملايين التي ربما تخرج من البلاد لتعود في شكل أسلحة تصوب نحو جنودنا في الميدان.
نظرة يا وزارة التجارة فقد طفح الكيل من فحش القائمين على الصيانة.