فهد بن جليد
الشعور بتشارك الحياة في الكوكب مع كل البشر الآخرين، واحد من الدروس المُستفادة من جائحة كورونا على الغالب، هو إقرار ضمني بأنَّ ما يربط حياة الناس وسلامتهم على الأرض مصير مُشترك، مهما اختلفت المصالح والعقائد والثقافات، ثورة التقنية والتكنولوجيا تُساعد على العزلة والاستقلالية نوع ما، لكن ضعف حيلة البشر وعَظمة مُدبِّر الكون تتطلب زيادة فرص التفاهم من أجل قيمة وأهمية وسلامة الإنسان.
العالم يترقب لحظة التخلص من القيود التي فرضها الفايروس على الحياة، بعد مضي نحو عام كامل مُنذ ظهور كوفيد-19 أواخر ديسمبر 2019م نقترب أكثر من هذه اللحظة، رغم تطور السلالة الجديدة لفيروس كورونا، عدد من الباحثين والمؤلفين حول العالم اجتهدوا في وضع سيناريوهات مُختلفة لنوع التغير المتوقع أن يطرأ على (نمط المعيشة) عند الرفع الكلي للقيود، أكثر المُتفائلين أعاد المقولة الشهيرة (ما بعد كورونا ليس كما قبله)، الصور الأكثر انتشاراً لتأثر سلوك البشر في العلاقات الاجتماعية ومجالات التعليم والصحة والاقتصاد والترفيه والسفر والسياحة وغيرها، انفرد بها باحث أمريكي من جامعة (بال الأمريكية) وجمعها في كتاب، تَمَثل أبرزها في أنَّ الناس سيَمِيلون للتدين والتحفظ سلوكياً أكثر، رغم زيادة معدلات وفُرص التفاعل بشكل أكبر بعد انقشاع الجائحة، البشر بحسب الباحث سيصبحون أكثر ميلاً لحفظ النقود والتوفير، وتقليل المصروفات بتغيير طريق ومجالات الإنفاق مع فقدان الوظائف والتأثيرات الاقتصادية المُرتقبة في 2021م، وهو ما يعني ظهور أنماط وسلوكيات معيشية جديدة يُمارسها الفرد دون أن يتعمد ذلك.
بعيداً عن نتائج القراءة البحثية المُستندة على لغة الأرقام والمُتغيرات، ثمَّة ملاحظات مُشتركة تؤكد أنَّ من لم يتعلم من جائحة كورونا من الصعب أن يتعلم من أي حدث آخر، لقد كان عام 2020م صعباً للغاية، شكلت فيه الأخطار الصحية، والضغوط النفسية والاجتماعية، والتقلبات الاقتصادية، تحديات جديدة على نمط معيشة كُل البشر، لقد بقي بعد تلك التجربة لكل إنسان مكتسباته السلوكية والفكرية الخاصة التي حقَّقها وتوصل إليها، هناك تغيرات خاصة طرأت، نتيجة الاقتراب من العائلة بشكل أكبر، إعادة اكتشاف الإنسان لقدراته وإمكاناته بشكل أوضح، ترتيب وجدولة الاهتمامات، النتيجة الأهم (لن يشبهك أحد)، أنت من تُحدِّد بين أنَّ تتعرف وتحصر المتغيرات التي طرأت على حياتك وشخصيتك وتتكيَّف معها بشكل إيجابي، أو أن تترك المهمة لغيرك؟.
وعلى دروب الخير نلتقي.