عبدالكريم الحمد
عشقت العرب وأحبت الخيل والفروسية في ظروف حياتهم المعيشية وتحولاتها في السرّاء والضرّاء ما بين حرب ورياضة وسباقات وترفيه، لذلك قال الجاحظ: «لم تكن أمة قط أشد عجباً بالخيل ولا أعلم بها من العرب، ولذلك أضيفت إليهم بكل لسان، ونسبت إليهم بكل مكان، فقالوا فرس عربي ولم يقولوا هنديا ولا روميا ولا فارسيا» ، وقال ابن رشيق: «وكانوا (أي العرب) لا يهنئون إلا بغلام يولد، أو شاعر ينبغ فيهم، أو فرس تنتج»، فلا عجب ولا عجاب حينما يطلق العرب وصف (الفروسية) على أرقى وأرفع مراتب الشجاعة والشهامة والأخلاق البارزة في أحدهم، حتى باتت الخيل والفروسية عنصرا رئيسا من عناصر الملحمة والحكمة والمديح.
وبعد مقدمة بسيطة عن الخيل والعرب، فلا غرابة أن نجد ونلمس اهتماماً رفيعاً من قيادتنا الرشيدة في هذه البلاد المباركة مهبط الوحي وقلب العرب النابض بالخيل والفروسية واحياء موروثها الأصيل في مجالات ورياضات عدّة عرفها العرب وتمسّك بها السعوديون، ومن هذا المنطلق وجدت في نفسي اهتماماً شغوفاً ونحن على أبواب انطلاقة كأس ولي العهد للخيل المنتجة محلياً والمستوردة بنسختها الـ55 على أرض ميدان الملك عبد العزيز بالجنادرية في 26 ديسمبر، حيث باتت هذه الكأس تشكل اهتماماً بالغاً للمعنيين بالخيل ملّاكاً ومدربين بعد أن أصبحت من أقوى السباقات السعودية فنياً ومالياً كونها باتت تُصنّف من سباقات الفئة الأولى، وكذلك نظراً لزيادة قيمة جائزتها إلى مليون و800 ألف ريال.
53 نسخة ماضية لكأس ولي العهد لسباق الفروسية منذ عام 1967م تطورت خلالها قيمة الجائزة من 1500 ريال إلى أن وصلت في عهد حامل لواء الشباب والرياضة والفروسية (محمد بن سلمان بن عبدالعزيز) إلى مليون و800 ألف ريال لترتقي إلى أهم المنافسات وأغلى الكؤوس في ميادين الخيل إقليمياً وعربياً، ولتأثيرها البالغ ودورها الفعّال في تطوير مستويات السباقات على النطاق العالمي لكل ما يتعلق بالأنظمة والجوانب الفنية في مسافة 2400 متر، عاش خلالها عشّاق ومحبو سباقات الخيل للسرعة أشواطاً مليئة بشغف الترقب والاهتمام.
وبدوري ودور كل رياضي مهتم برفعة رياضة البلاد وازدهارها نشكر نادي سباقات الخيل الذي استعد مبكراً لهذه البطولة من خلال جدولة السباق في خطته السنوية بما يتناسب مع الموسم الفروسي 1442 ومتطلبات نجاحه، إلى جانب المراجعة الدورية لكل ما يتعلق به من أنظمة تختص بالجوانب الفنية، لتبقى أنظار محبي الفروسية وسباقاتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي شاخصةً نحو ساعة انطلاقتها بعد ثلاثة أيام في 26 من ديسمبر الجاري.
قبل الختام:
الفروسية واحدة من أقدم الرياضات التي عرفها الانسان واعتنى بها الأنبياء والرسل، واليوم اهتمام سعودي بموروث عربي وإسلامي أصيل يواكب التطور الحديث.