المبادرة الوقائية والصحية، التي أطلقها نادي الإبل بخصوص عدم إكمال مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في دورته الـ5، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأنه عندما تكون صحة الإنسان مهددة لأي احتمالية حدوث خطر فلا بد لبقية الأشياء -مهما كانت مهمة- أن تتخذ قراراً نحو اتجاه آخر يمنح النفس البشرية الأمن والأمان.
الفهم أعلاه، اعتمد على المتغير الحاصل اليوم على المستوى العالمي الذي يدركه الجميع، وهو المشهد الكارثي الذي يكتنف كل المجتمعات البشرية بسبب فيروس كورونا، الذي تمحور واتجه إلى شكل آخر من سلالته الجديدة، حيث تم إغلاق المنافذ البرية والبحرية والجوية لدول العالم للمرة الثانية، وباتت تهدد تنظيم احتفالات رأس السنة، وإقامة أغلب، إن لم يكن معظم، المناسبات العالمية الفنية والرياضية كأسلوب احترازي للسيطرة على هذه الجائحة الخفية والقاتلة من جانب، ولتوفير الميزانيات الحكومية للصرف نحو القيام بمتطلبات مواطني الدول.
ومن تلك المتغيرات، تأكيد نادي الإبل على فلسفة العمل المشترك والالتزام مع مؤسسات الوطن عبر منهج «يداً بيد» من أجل ابتكار كافة الحلول الممكنة للتحديات التي تواجه البشرية، وأجزم أن الظرف الراهن أحسن وقت للتأكيد على مدى التزام الجميع بهذا الفهم المشترك.
ولعل النقطة الأبرز، أن مبادرة نادي الإبل تتيح للمؤسسات في هذا الوطن الفرصة من أجل ترسيخ أسس مواجهة هذا التحدي الكبير بشيء من الدقة والعمق والهدوء، لأن التأثيرات والنتائج المتوقعة كبيرة، لا سيما أن تلك المبادرة جاءت امتثالاً للتوجيه السامي الكريم، وصرَّح بها رئيس مجلس إدارة نادي الإبل ورئيس المنظمة الدولية للإبل فهد بن فلاح بن حثلين وأيدتها العديد من الفعاليات الاجتماعية في المملكة.
والحقيقة التي لا تتوارى على أحد أن المناسبات أياً كان نوعها قد أصابها التأثر بنتائج جائحة كورونا إن لم تكن كلها، وأن الدعم والرعاية الكريمة لقطاع الإبل من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- كان هو السبب الأول في إقامة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الخامسة، الذي أنجز نادي الإبل النسبة الأكبر من عروضه التنافسية على أرض الصياهد الجنوبية للدهناء، ما يعني أنه مستعد للاختتام في الموعد المحدد 15 يناير المقبل. ولكن لأن نادي الإبل اعتاد على أن تكون الصحة والسلامة للجميع بل والتميز سمته في عمله، أطلق هذه المبادرة، حيث كان من المخطط للمهرجان أن يختتم في منتصف شهر يناير وأن تقام أشواط الجمل ونخبة النخبة، إلى جانب تنظيم فعاليات ثقافية وتراثية تخدم رياضة الإبل كون «الصياهد» ميداناً يسعى الجميع إلى تحقيق أحلامه فيه، وبالتالي يكون حقه أن يقلق من عدم تحقيق تلك الأهداف خاصة أن الواقع المحيط لا يجلب الطمأنينة كثيراً.
ما يجري في بعض دول العالم من عدم القدرة على التقليل من تداعيات فيروس كورونا دفع بالناس لأن يروا من مؤسسات وطننا أفعالاً تزرع بعض الأمل وتنشر روح التفاؤل، بتعاون الجميع من أجل التقليل من الآثار السلبية لهذا الوباء، وبالتالي ستكون صدمة كبيرة بالنسبة للرأي العام لو تم استمرار المهرجان استناداً على العاطفة حتى منتصف شهر يناير، لكن يبقى لنادي الإبل أنه برهن للجميع عن إحساسه بالمسؤولية الرياضية والتراثية من خلال التكاتف مع الإنسانية التي يحتاجها الجميع.