خالد بن حمد المالك
مهما كان هناك من تباين في وجهات النظر، ومن مواقف اختلافية بين دول مجلس التعاون، فإنها في نهاية المطاف، وبعد كل أزمة، ومع كل مستجدات سلبية في العلاقات، سيكون مآلها أن تعود إلى حضن المجلس، ومظلة الوئام، وإلى التوجه التعاوني الجميل الذي لا يفسده تصرف أو قرار أو عمل لا يخدم مصلحة الجميع.
* *
عودة قادة دول مجلس التعاون بنصاب كامل، وحضور من الجميع - كما هو متوقع - بدعوة من الملك سلمان، وفي ضيافته، هو اختراق لكل من حاول أن ينأى بالمجلس من أهدافه، ويشوِّه العلاقات التاريخية بين دوله، وذلك بمواجهة حكيمة مع كل من أراد أن يزرع الخلافات بين دولنا وقادتنا وشعوبنا. وانعقاده بالمملكة حضورياً، وبقيادة الملك سلمان، رغم جائحة كورونا، يظهر حجم التصميم والإرادة على أننا مع حضور الحكمة، وحسن التصرف، واستشعار المسؤولية سوف تظهر معها النتائج التي تلبي مصلحة الجميع.
* *
ومع الحوار، وعلى طاولة واحدة، وبحضور القادة وانعقاده في المملكة، وبرئاسة خادم الحرمين الشريفين، إنما يعزِّزُ ذلك الشعور بأننا نتجه إلى إصلاح ما قد يكون قد تم إفساده، لتنطلق جميع الأطراف نحو مستقبل أفضل، بقرارات تحافظ على وحدة دولنا واستقلالها، ومنع أي تصدع في علاقاتها المستقبلية، وهي تطلعات وأمنيات وآمال وتوقعات بأن تكون بتحقيقها وتطبيقها مع اختتام هذا الاجتماع سوف تعطي مزيداً من صون وحدة الخليج، ولَمِّ شمل الجميع، وبناء أوثق العلاقات فيما بينها.
* *
وككل التكتلات والتجمعات والتنظيمات، وأياً كانت مستوياتها، لا تخلو أحياناً من ظهور مواقف لا تأخذ صفة الإجماع بين ممثليها، وبالتالي فإنه لا يمكن محاصرة أي خلاف إلا من خلال الحوار، والتنازلات، وتجنب ما يفتح الطريق نحو الإضرار بأي دولة من دول مجلس التعاون، أو أن يأخذ المجلس بدوله إلى متاهات لا مصلحة لأي دولة فيها، وهو ما سيكون الملف الأهم ضمن ملفات كثيرة مهمة في جدول أعمال الدورة (41) من اجتماعات القمة الخليجية.
* *
دعونا نكون متفائلين أكثر، فالمؤشرات الإيجابية كثيرة، وإن كانت متحفظة في الإعلان عنها، والتسريبات عن طبيعة هذا الاجتماع الاستثنائي وإن كانت محدودة، إلا أنها تجعلنا على ثقة ويقين بأن قادة دولنا يدركون في هذه المرحلة التاريخية الاستثنائية أهمية أن يلتقوا على كلمة واحدة، ويتفقوا على هدف واحد، وأن يتجهوا في سياساتهم المستقبلية نحو ما يقضي على كل ما كان يعكِّر المزاج الخليجي، ومعالجة أي أزمات حدثت أو قد تحدث في المستقبل بالحوار والتفاهم، فالتحديات لا يتم القضاء عليها إلا بمثل ذلك.
* *
كل الشكر والتقدير للملك سلمان الذي دعا إلى هذا الاجتماع، واستضاف إخوانه قادة دول الخليج، وعبَّر لهم جميعاً عن سعادته بأن يكون مكان هذه القمة في المملكة بوصفها بيت الخليجيين، وسهَّل كل الإجراءات والترتيبات والتحضير المناسب لإنجاح هذا الاجتماع، مشيداً بدولتي الكويت وأمريكا في التمهيد الذي سبق الاتفاق على عقده، واضعاً كل إمكاناته الشخصية والقيادية، وإمكانات المملكة ضمن أولويات خدمة مصالح دول مجلس التعاون وشعوبها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم، كما تمر بها تحديداً منطقتنا الخليجية.