رقية سليمان الهويريني
إن قدرة استمرار مجلس التعاون الخليجي على مدى الأربعين سنة الماضية وتعزيزه خطوات التقارب والتنسيق في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية بين أعضائه، وبينهم وجيرانهم العرب والإقليميين؛ يعد نجاحا باهرا سيما أن تجربة المجلس هي التجربة العربية الوحيدة المميزة على مستوى التعاون الإقليمي في المنطقة.
وهذا النجاح قاد الملك عبد الله رحمه الله ليطرح فكرة التحول من التعاون للاتحاد، وهي فكرة لا شك رائدة، ولا زالت هاجس الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لأنهما يدركان أهمية التوصل إلى تكامل بين الدول الأعضاء وعدم الاكتفاء بالتعاون فقط في ضوء تراكم التحديات الاقتصادية والسياسية، ولعله في الاجتماع القريب عام 2021 يتم استدعاء فكرة (الاتحاد الخليجي) مرة أخرى، حيث سيوفر ذلك لدول المجلس فرصة إحداث تغييرات سياسية متدرجة واستكمال الإصلاحات الفعلية وصياغة منظور جديد للأمن الإقليمي لتجنب الانزلاق للفوضى الذي عانت منه بعض الدول العربية بسبب التدخلات الخارجية!
وأزعم أن فكرة الاتحاد إيجابية بل ضرورية سيما أن المجلس منذ إنشائه عام 1981وهو يسير على خطوات التكامل والاندماج الاقتصادي، حيث بدأت بالاتفاقية الاقتصادية الموحدة ثم إلى منطقة التجارة الحرة عام 1983ثم إلى الاتحاد الجمركي عام 2003والسوق المشتركة عام 2008 والاتحاد النقدي عام 2010 إضافة إلى المشروعات المشتركة كالربط الكهربائي ومشروع سكة حديد الخليج.
وخلال مسيرة المجلس واجهته تحديات استراتيجية سياسية مثل التباين في أنظمة الحكم بين الدول برغم تماثلها في كونها حكم وراثي إلا هناك تفاوتات سياسية وتباين في الأولويات والأخطار! فدول المجلس لا تمتلك جميعها نفس النظرة والرؤية للإحساس بالخطر.
ونرجو ألا تحول هذه التحديات والظروف دون تحقيق الهدف حاليا، فكل دول المجلس لديها ذات الشعور بالخطر، كما أنها تتفق في الرؤى الاقتصادية حول تنويع مصادر الدخل المستدامة بعيدا عن النفط وتقلبات أسواقه وهذا بلا شك سيدفع لمزيد من التقارب وبالتالي الاتحاد المنشود.