رمضان جريدي العنزي
مرت سنة 2020 بظروفها الحافلة بالكوارث والفواجع والأوبئة والنكبات، كورونا وأحوالها وأهوالها وتحدياتها واحدة من هذه الشدائد والمحن الكبيرة، كان لها ضحايا ولها ناجون، وكان بها ألم وأسى، وفراق ومرارة، فيها تفاقمت الأزمة الأقتصادية العالمية، ووهنت النفوس، وعظم البلاء، وشاب المستقبل شوائب رمادية وعتمة، كانت سنة قاتمة وحزينة بكل المعاني والتفاصيل، من كان يتخيل أن يحجر الناس في بيوتهم لمدة طويلة، وساعات مديدة، من كان يتخيل أو يتصور أن العالم كله يقفل أبوابه على نفسه ويدخل غرف الحجر والوقاية، من كان يتخيل أن السبل والأوصال تقطع بين البشر والدول والمناطق، من كان يتصور أو حتى يتخيل بأن الحياة قد توقفت بنسبة عالية، العالم كله وقتها تبدل وتغير وتحول، وأصابه الخوف والهلع، والأسى والانكسار، من كان يظن أن التعليم سيكون عن بُعد في البيوت بدل المدارس، من كان يتخيل ألا يكون هناك مشيعون للجنائز ولا تعازي ولا مواساة في البيوت، وأن صالات الأفراح تخلو من الأفراح، من كان يتخيل أن المساجد والمحلات تقفل، من كان يتخيل بأن الفضاء يصبح بلا طائرات، والشوارع تصبح شبه خالية من السيارات، ولا يكون هناك سفر، من كان يظن بأن زيارة البحر كانت ممنوعة، والرحلة إلى البر ممنوعة، والتسوق ممنوع، من كان يظن بأن تغطية الأنف والفم يصبح إلزاماً وغصباً، من كان يتصور بأن فيروس صغير جداً لا يرى بالعين المجردة تحدى العالم ركعه وكاد أن يهزمه، وأصبح يصطاد الناس فيه كالأرانب، يستطيع خداع الجسم، وينتشر بسرعة في الرئتين والممرات الهوائية، ويعطل جهاز المناعة، مذهل وخطير أن يحدث هذا في وقت قياسي، حتى أن العالم كله أصبح يعيش الرعب والغموض من المستقبل والمصير، من كان يتصور أن يعيش العالم التعقيد في جل الأمور، من كان يتصور بأن الحوادث تجري وفق تحولات وتباينات متتالية وخطيرة، من كان يتصور أن الناس تعيش الهرج والمرج والاستنباط والتنبؤ والتحليل. إننا نؤمن تماماً بتداول الأيام وتحولاتها وتبدلاتها، وأن للأزمات مهما كانت فوائد إيجابية، فهي توقظ البشر من غفلاتهم، وتولد نماذج عمل جديدة، ولهذا نذكر دائماً ونردد الآية الكريمة {إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا}، لأن مع هذه الآية يكون الفرج، والرحمة والخلاص من وطأة الشدائد والمحن، آملين أن تكون السنة القادمة وما بعدها من السنوات بحول الله سنوات خير وسلام وعافية علينا وعلى الإنسانية جمعاء، وألانرى أبداً ما رأيناه في هذه السنة الهزيلة العجفاء.