الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن قد يواجه امتحانًا صعبًا في الأيام الأولى من توليه الحكم بعد 20 يناير، وذلك في حال قررت إيران أن تنفذ تهديدها بـ»الانتقام» لجنرالها القتيل قاسم سليماني، الذي قضى بغارة أمريكية في بغداد العام الماضي خلال الأيام الأخيرة من حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولكن النظام الإيراني قد يؤجل انتقامه إلى حين مغادرة الرئيس الحالي دونالد ترامب البيت الأبيض، ويفعل ذلك في بداية ولاية بايدن.
ترامب كان قد هدّد برد ساحق في حال حدوث أي هجوم إيراني يستهدف القوات الأمريكية في العراق، خاصة إذا أسفر عن مقتل جنود؛ ما جعل طهران - بحسب العديد من المصادر - تكبح جماح الميليشيات الموالية لها في العراق؛ لتمتنع عن تنفيذ أي اعتداءات فيما تبقى من فترة الرئيس الأمريكي الحالي.
من الضروري أن يجهز بايدن نفسه لسيناريو صعب، يتمثل في قيام وكلاء إيران في العراق بتنفيذ هجمات ضد القوات الأمريكية، قد تسفر عن وقوع ضحايا؛ ما سيضعه في اختبار جدي أمام أوضاع كهذه؛ إذ سيجد نفسه عالقًا بين خيارين يطرحهما عليه العديد من أعضاء الكونغرس وإداراته.
فقسم من أولئك السياسيين سوف يطالبون بايدن بالرد بحزم وقسوة على أي هجمات قد تقوم بها إيران عن طريق ميليشياتها في العراق أو سوريا.
بينما سيطالب الفريق الآخر بالذهاب إلى أساليب الدبلوماسية والسياسة لإعادة إيران إلى حظيرة الاتفاق النووي الذي جرى إبرامه في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
ومما يزيد من صعوبة مهمة بايدن هو صعوبة وصول فريقه الانتقالي إلى المعلومات الاستخباراتية والعسكرية الضرورية من جراء رفض ترامب حتى الآن الاعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية.
وفي حال هاجمت إيران أو الميليشيات الموالية لها في العراق المصالح الأمريكية في مرحلة متأخرة للغاية في أواخر أيام ترامب فإنه قد لا يستطيع الرد؛ ما يترك بايدن أمام خيار صعب في ساعات حكمه؛ إذ يجب عليه أن يوائم بين الرد العسكري والمسار الدبلوماسي حتى لا تمتنع طهران عن العودة إلى الاتفاق النووي إذا تعرضت لضربات أمريكية قاسية.
أفضل ما يمكن أن تفعله إدارة بايدن هو أن تجعل إيران لا تفكر في شن أي هجمات عن طريق إيصال رسائل واضحة بأن تلك الاعتداءات ستكون تكلفتها باهظة.
يجب أن يعلن الرئيس المنتخب بوضوح قبل 20 يناير الحالي أنه سيكون جاهزًا منذ الدقيقة الأولى واليوم الأول لتوليه السلطة للرد بحزم على أي تهديد يستهدف الأمريكيين.
يمكن أن تكون الأزمة العسكرية الأولى لرئيس جديد لحظة شديدة الأهمية، ولاسيما عندما يتخذ المنافسون من القوى العظمى والدول المارقة على حد سواء من هذه الأزمة وسيلة لقياس وفهم رد فعل القائد الجديد في البيت الأبيض. سيحتاج بايدن إلى تقييم عواقب القيام بالرد على إيران أو التقاعس عن العمل. سيرغب جزء من قاعدته السياسية في تمييز الإدارة الجديدة عن الإدارة القديمة عن طريق مد اليد لإيران، في حين سيؤكد المسؤولون التقليديون في إدارته الحاجة إلى إظهار الحزم بوجه إيران خاصة إذا قُتل أمريكي.
على الرغم من أن حفل التنصيب في 20 يناير سيكون لحظة مبهجة لجو بايدن وفريقه إلا أنها أيضًا لحظة يمكن فيها اختبار قوته. أظهر التاريخ أن إيران عادة ما تحاول اختبار عزيمة الإدارات الأمريكية في بداية توليها السلطة. قد تعمل إيران على كبح جماح وكلائها من السعي للانتقام، لكنها قد ترى أن بداية عهد بايدن قد تكون لحظة آمنة للقيام بهجوم.
كل معتدٍ محتمل آخر في العالم سوف يراقب ويلاحظ رد فعل جو بايدن.
** **
مايكل نايتس هو زميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران واليمن ودول الخليج - عن مجلة (بوليتكو) الأمريكية