في الأسبوع الماضي قمنا برحلة برية إلى إحدى عروق الدهناء تبعد عن الرياض حوالي 4 ساعات، ولقد أنعم الله علينا بأمطار لم أر مثلهافي حياتي لا في المملكة ولا حتى خارجها -مع العلم أني درست في أمريكا- من الصواعق والبرق والأمطار الغزيرة التي يقدر أنها أكثر من70 مليمترا لمدة أربع ليال جعلها الله أمطار خير وبركة ونفع الله بها البلاد والعباد
ولكن مع الأسف بحكم ذهابنا إلى تلك المنطقة تقريباً في الوسم والشتاء كل عام منذ أكثر من 20 سنة لاحظنا الإبادة الكاملة لأشجار الأرطى التي كانت رمزا ومعلما لهذه الصحراء التي خلقها الله حماية للبيئة وملاذا آمنا لخشاش الأرض وموطنا لبعض الزواحف والطيور ودفئا وقت الحاجة لمرتادي المنطقة الميت منها وليس الرطب، ومع ما قامت به وزارة البيئة والمياه من وضع بعض الأنظمة لحماية البيئة وتكليف شرطة البيئة لتنفيذ الإجراءات الصارمة للحفظ على البيئة ودرء الاحتطاب الجائر وما نشر في وسائل التواصل الإعلامي على جهود رجال شرطة البيئة في ملاحقة الخارجين على القانون وتنفيذ النظام في حقهم.
وهو جهد يشكرون عليه، وهذا سوف يكون سداً منيعاً -إن شاء الله- لمن تسول له نفسه في القضاء على البيئة وتدمير الممتلكات والحياة الفطرية.
لكن حبذا لو أن وزارة البيئة والمياه تعزز ذلك بإعادة الحياة وذلك بحملة مكثفة لإعادة زراعة أشجار الأرطى والنباتات الأخرى في الدهناء أولاً عن طريق الاستفادة من جميع المراكز المجاورة في الدهناء وعروقها والصمان، وكذلك الدعوة إلى عمل تطويري بدءاً من المدارس إلى وإشراك القطاع الخاص من خلال شركاته ومبادرة العمل الاجتماعي ودعوة أصحاب الخبرة والشأن والرأي ممن لهم الرغبة في المساهمة في العمل التطوعي على نطاق المملكة لإعادة الحياة الفطرية في تلك المناطق قبل فوات الأوان ومنعاً لازدياد التصحر في المملكة ومنع الرعي الجائر على ما بقي من مرعى الذي مع الأسف ينقصه بعض الأبحاث للاستفادة مما لدينا من إبل بالملايين ولا نجد ان لها إضافة نوعية للبلاد أو الاقتصاد.
وسوف أذكر فقط ما حصل لإحدى محميات كانت في الولايات المتحدة الأمريكية كانت في حالة شبه الانقراض والموت في أمريكا اسمها Yellowstone وبعد البحث والتحري وجد أن سبب الانقراض وعدم التوازن البيئي فيها بسبب القضاء على الذئاب، وبعد جلب ذئاب من كندا وإعادة توطينها في المحمية بعدها بعدة سنوات عادت الحياة الطبيعية إلى المحمية وكان التوازن هو السمة العامة لأن الذئاب بدأت تأكل الأنعام التي كانت كانت تأكل الأخضر واليابس بشراهة وأصبح «يلو ستون» معلما حضاريا ومحمية تحت رعاية الدولة.
وهكذا هي عروق الدهناء بإذن الله إذا كانت هناك إرادة ورغبة في إعادة الحياة الفطرية مع ما تقوم به وزارة البيئة من حماية لها فإن المستقبل واعد للحفاظ عليها والتقليل من التصحر الذي نحن نواجهه باستمرار مع الإسراف في هدر مواردنا الطبيعية، ولعل ما قام به سمو ولي العهد لما يسمى «الرياض الخضراء» لهو أكبر دليل لحرص ولاة الأمر على إعادة الحياة إلى مدننا وقرانا وهي لا شك مبادرة كريمة سوف نجني ثمارها إن شاء الله في القريب العاجل.
والأمل في وزارة البيئة إعادة الحياة لصحراء الدهناء مع الاستفادة من مراكز البحث في الجامعات والمراكز المتخصصة لذلك.
** **
- عبدالمحسن العسكر