الهادي التليلي
العام الجديد الذي بشر بكثير من المؤشرات الإيجابية لعل أهمها انتشار لقاحات كورونا في مختلف أرجاء المعمورة بقدر انتشار فيروس كورونا التاجي، وكأنما اللقاح يلاحق الفيروس ولكن بسرعة يراد لها أن تكون أكبر لم لا والفيروس فرخ سلالاته الجديدة سعيا للقضاء عليه قبل أن يستعصي الأمر زيادة على هذا المؤشر الإيجابي شاهد العالم في مفتتح هذا العام وقبل أن يسلم الجمهوريون الأمانة للديمقراطيين في قيادة العالم مشهدا هوليوديا تمثل في اقتحام المناصرين الجمهوريين لترامب لمبنى الكونغرس بواشنطن هذا المشهد الذي شد الأنظار إليه ليس غريبا في حقيقة الأمر على هواة متابعة أفلام هوليود لدرجة أنك من فرط ما تابعت الأفلام المشابهة يهيؤ إليك أن المشهد مفبرك سينمائيا، وفي الحقيقة هو مشهد حصل بالفعل في الواقع لأن أنصار ترامب الذين أخذتهم حمية الثورة التي يعتقدون أنها لحظة طبيعية لاسترداد حق مهدور وهو ما يرونه الفوز المسروق في الاستحقاق الانتخابي لقناعة راسخة لديهم ويقين ثابت بأن ترامب فاز في الانتخابات الرئاسية، ولكن هناك من سرق النصر وحوله إلى هزيمة في آخر لحظة، ثقتهم هذه وقناعتهم حول اليقين إلى قضية تستحق المجازفة والثورة على رمز النظام الديمقراطي الأمريكي في معقله وساعة انعقاد عقد قراره أي لحظة الإقرار النهائي بنتيجة انتخابات الاستحقاق الرئاسي لأعتى دولة في العالم، لحظة تحول الاحتجاج السلمي إلى هيجان جماعي لم يكن الشيء وليد الصدفة بالرغم من كون كل الأسلاك الأمنية المعنية كانت أكثر من متسامحة مع احتجاجهم، وهي التي كان بإمكانها إيقاف المشهد في دقائق معدودة، إذن ما الذي حصل وهل كان فعلا المحتجون ينوون اقتحام المبنى واحتلاله وفرض الأمر الواقع بمنع تعميد النتيجة النهائية.
في الحقيقة ما نراه أن السيناريوكان مختلفا عن المشهد النهائي الذي استهلكه العالم إعلاميا، فالسيناريو والشريط المتحقق مختلفان في النتيجة إنها الفانتازيا التي يخرج فيها المخرج عن النص أو ربما السكريبت الذي تحين وسارت به عجلة التصوير إلى غير ما يشتهي كاتب السيناريو أو ربما هو السيناريو الحقيقي الذي لا يعلمه أحد، فترمب الذي قد يكون طلب من بنس أن يفسد على بايدن مراسم التصويت النهائي عبر الاقتحام بالضغط الخارجي والذي قد يلزم المصوتين الديمقراطيين الانسحاب وعدم التصويت أو التصويت بشكل مغاير تحت طائلة الخوف والترهيب من المقتحمين ولكن ما حصل لم يكن في الحسبان وما شجعهم ونعني هنا المقتحمين الأمن الذي عاملهم بكل لين وتغريدة ترمب على تويتر وتلوح منها رائحة أن الأمنيين معكم، ترمب عاشق للسلطة مستميت على التواجد في أضوائها ولكن هذه الرواية والمشهد المخرج بشكل يشي منطقه وتسلسله الحكائي بأسبابه وتفاصيله العميقة لا يعدو أن يكون غطاء خارجيا لواقع بين أطراف يعد ترامب وبايدن مجرد ستارة لها أو واجهة خارجية، فترامب كان مرتاحا وهو يعلم أكثر من غيره خطورة ما يحصل وهو ليس بمجنون خاصة، وأنه يمتلك شفرة الكرة النووية ولكن يظهر وكأن له طمأنة بكون ما سيفعله ستكون نتيجته إيجابية إنه يتكئ على عصا بالرغم من كونها خذلته في آخر لحظة من الاستحقاق الانتخابي إلا أنه ما زال يثق بها، وهنا تصح مقولة القائل بأن عصا الأشباح المسيرة للعالم بشكل خفي قد انكسرت نصفين نصف برز إلى السطح ولم يعد هو العميق ونصف هو الأعمق من يعبث بمشهديه الساحة الأمريكية وما ذلك إلا إشارة لما سيحصل في قادم الأيام حيث ستغيب كورونا الجائحة وتحل حرب سيعاني منها العالم وتتأثر بها ساحات الاقتصاد والسياسة فما بعد كورونا ليس بالضرورة العالم الذي ألفناه قد يكون مختلفا وقد تكون أمريكا أولى ضحاياه.