د.عبدالعزيز الجار الله
قدم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لنا وللعالم طرازاً معمارياً جديداً في العمارة والتخطيط عبر نموذج نيوم العمرانية والتي أشرت لها في المقال السابق أن نيوم مرشحة أن تكون المحافظة الرابعة عشر، ومحورها ومحركها مدينة (ذا لاين) مع المحافظات والمدن والقرى المحيطة حولها، فمنطقة نيوم من حيث المساحة 26500 كيلومتر مربع تعادل مساحة منطقتين من مناطق المملكة الحالية.
أما ما قدمه سمو ولي العهد للتخطيط الحضري وتأسيس المدن والطراز العمراني فإن الأمير محمد بن سلمان عند تأسيس مدينة ذا لاين لم يعمل بالنهج المتبع في العالم والمملكة عند إنشاء المدن الإنتاجية: الطبية، الجامعية، الاقتصادية، الصناعية، المعرفة، وهي سلسلة من المدن تهدف إلى أن تغذي كل منطقة الإنتاجية الأخرى، لكن ما حدث في تنفيذ المشروعات العمرانية في نيوم لم يعمد إلى مخطط أفقية المساحة، وإزالة جميع المظاهر الطبوغرافية من تلال وهضاب وأودية وجبال وتجمعات رملية، وربما قطع الأشجار وتسوية السبخات ودفن الخلجان وشواطئ البحار، وصرف مياه الصرف الصحي للأودية والسبخات الملحية والزراعية وربما للبحر إنما أبقى على طبوغرافية الأرض على حالها وأقام حولها مدينة ذا لاين.
الأمير محمد بن سلمان لا يقيم عمراناً جديداً على خراب بيئات طبيعية، ولا حضارة على تدمير جغرافية المكان لذا أعلن يوم الأحد الماضي عند تأسيس مدينة ذا لاين في منطقة نيوم أن المدينة سيتم بناؤها لتصبح المكونات الطبيعية الطبوغرافية جزءاً أصيلاً من موجدات المدينة، بل أنها ستكون المحور الذي يدور حوله عمران مدينة بطول 170 كيلومتر من البحر الأحمر وخليج العقبة غرباً، وحتى يابسة جبال مدين وهضاب حسمى شرقاً، لتجمع بين البحر والبر والأراضي الرطبة واليابسة.
كان تأسيس المدن ومخططات الأراضي والأحياء السكنية يقوم على قضم الجبال كقاعدة عمرانية أولى، ودفن الأودية والشعاب، وإنشاء سدود ينتج عنها تدمير الأراضي التي خلف بحيرة السد، وتجريف الكثبان الرملية والدكاك والعبث في توازن الطبيعة تضر بالحياة الطبيعية للإنسان والحيوان والأشجار. أما المنهجية التي تعامل معها ولي العهد في تأسيس المدن هو مصالحة جغرافية المكان والعيش والصداقة مع المتكون المحيط بِنَا، دون إخلال بالتوازن البيئي.