محمد آل الشيخ
من الواضح للعيان وفقاً لإعلان العُلا أن الخليجيين قد اتفقوا على تصفية خلافاتهم إلى أعلى درجة متزامناً ذلك مع فترة حكم الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الذي يبدو أنه سيتعامل مع إيران تعاملاً جديداً يختلف عن تعامل الرئيس ترامب. الأمر الذي يُحتم على دول المنطقة العربية كلها وليس دول الخليج فقط التغلب على خلافاتهم، والظهور بمظهر التلاحم والتنسيق والانسجام فيما بينهم لمواجهة ما سوف يستجد من متغيرات جديدة في التفاوض بين الأمريكيين والإيرانيين بشأن اتفاقية نووية جديدة؛ ويتوقع المراقبون أنها ستكون أقل من حزم الرئيس ترامب، لكنها أيضا ستكون أقوى وأشد حزماً من اتفاقية الرئيس الأسبق أوباما، التي انسحب منها الرئيس ترامب. وغني عن القول إن الخطر الإيراني بالنسبة لدول لمنطقة، ودول الخليج خاصة هو الخطر الأول بلا منازع، والذي يستوجب على الدول الخليجية مواجهته بوحدة وتلاحم وتنسيق من شأنه أن يجعل موقفنا حاضراً ووازناً وبقوة لتحقيق شروط جديدة تأخذ في اعتبارها أمن دول المنطقة في الاتفاقية المزمع التفاوض عليها مع الإيرانيين، وتحديداً الحد من سلوكيات إيران التوسعية المزعزعة لأمن واستقرار دول الخليج العربي.
إيران أنهكتها داخلياً عقوبات الرئيس ترامب الاقتصادية، وجعلتها في أمس الحاجة لرفع هذه العقوبات أكثر من أي وقت مضى. وهذا ما سوف يجعلها غير قادرة على المناورة، الأمر الذي سيجعلها مضطرة لقبول شروط في عهد بايدن لم تكن لتقبلها في الاتفاقية السابقة، لاسيما فيما يتعلق بالحد من صواريخها الباليستية، وكذلك تحجيم سلوكياتها العدائية في المنطقة، والتي من الواجب ان تلح عليها دول الخليج، وترمي بثقلها لأخذ أمن وسلامة دولها في الاعتبار، وهذا الجانب لم تكترث به الاتفاقية النووية التي انسحب منها الرئيس ترامب، وأنا على ثقة أن دول مجلس التعاون إذا كان لها موقف موحد ومتماسك فليس بإمكان فريق بايدن الذي سيفاوض الإيرانيين تجاوزه، لاسيما وأن مصالح متعددة ووازنة تفرض على الأمريكيين أخذ أمن دول المنطقة في الاعتبار؛ خاصة وأن الرئيس بايدن ليس منجذباً إلى يساريي الحزب الديمقراطي كثيراً كما كان الرئيس أوباما، وإنما هو أقرب إلى الوسطيين الديمقراطيين، فهو يقف من هؤلاء وهؤلاء في موقف أقرب إلى التوازن، لاسيما وأنه رأى الانقسام الحاد وغير المسبوق بين مكونات المجتمع الأمريكي الاثنية والعرقية، وتطرف الرأسماليين اليمينيين ومعهم الانجيليون الجدد أمام التوجهات اليسارية التي كادت ان تستحوذ على الحزب؛ الأمر الذي سيجعل بايدن يحد من الاندفاع إلى اليسار، والعمل على إعادة المجتمع الأمريكي ليكون اكثر تلاحما من ذي قبل.
كما أن الإيرانيين بعد توقيع اتفاقيتهم مع الرئيس أوباما، وطوال عهد الرئيس ترامب كشفوا عن رغبتهم العارمة في السيطرة على دول المنطقة من خلال (ميليشيات) المرتزقة، والتي كانت بمثابة رأس حربة للإيرانيين، وإيذاء جيرانها بأي وسيلة من شأنها زعزعة أمنهم وهز استقرارهم والتدخل في شؤونهم الداخلية، بذرائع شتى، وهو سبب جوهري لأغلب ما يحصل في المنطقة من بلطجة إيرانية. ولا أعتقد أن الأمريكيين، سيضحون بعلاقاتهم التاريخية، ومصالحهم مع دول الخليج، ويقدمون المنطقة على طبق من ذهب لإيران لتُطبق سيطرتها عليها.
كل ما أريد أن أقوله هنا أننا مقبلون على فترة مفصلية من تاريخنا، ونحن جميعاً دون استثناء في قارب واحد، وعدونا الإيراني عدو شرس ومرائي ومراوغ.
إلى اللقاء