أظهرت أعمال البحث الأثري العثور على أساسات عدد من المساجد الأثرية في مناطق مختلفة من المملكة، تعود لبدايات العصر الإسلامي، وتجسد انتشار الدعوة الإسلامية، وتشرّب الجميع بها منذ بدايات انتشار الإسلام، وحرصهم على إنشاء المساجد وإعمارها، والعناية بها.
مسجد اليمامة الأثري
أثبت فريق سعودي - فرنسي مشترك وجود أكبر مسجد في الجزيرة العربية بعد الحرمين الشريفين في موقع اليمامة بمحافظة الخرج (جنوب الرياض)، كان جامع مدينة اليمامة الرئيسي إبان صدر العصر العباسي.
وكشفت البعثة السعودية - الفرنسية المشتركة آثارًا معمارية لمسجد ضخم، يعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة بداية من القرن الأول إلى القرن الخامس الهجري، وله ثلاثة أروقة مسقوفة، ومحرابان، وصحن مكشوف ضخم. وهو مسجد كبير، تدل المؤشرات على أنه قد يكون الأكبر في الجزيرة العربية بعد الحرمين الشريفين في تلك العصور.
ويتميز المسجد بوجود أعمدة دائرية ضخمة، تحمل سقفه، ويزيد قطرها على المترين، وكان له ثلاثة أروقة مسقوفة، ربما على أقواس، كما أن له محراباً واضحاً، ويبدو صحنه المكشوف ضخمًا، ويظهر خلف الصحن جزء آخر، تكونه وحدات معمارية، إضافة إلى ركام طيني في الركن الشمالي الشرقي للمبنى، قد يكون من أطلال المئذنة، ويجاور المسجد الأحياء السكنية.
وعُرف عن الموقع أنه كان مقرًا لأمة جديس، ولأمة كندة، ولأمة حنيفة فيما قبل الإسلام على التوالي، واستمر مستقرًا لبني حنيفة حتى القرن الرابع الهجري عندما أصبح مقرًا لدولة الأخيضريين التي عاشت قرابة القرنين قبل أن تنتهي على يد القرامطة في معركة حاسمة حدثت في الخرج قرب المستوطنة ذاتها.
مسجد عشم
وفي منطقة الباحة عثر فريق علمي متخصص تابع لقطاع الآثار على أساسات مسجد جامع موقع عشم الأثري في إقليم تهامة غرب منطقة الباحة.
ويعد هذا المسجد من المساجد المبكرة في جنوب الجزيرة العربية حيث يشتمل على حجر تأسيسي يشير إلى أن عمارته كانت في سنة 414هـ/ 1023م.
وتشير أساسات المسجد الباقية إلى أنه كبير المساحة، وفي وسطه ساحة مكشوفة، وله مئذنة رباعية الشكل تقع أساساتها في الزاوية الجنوبية الشرقية منه، ويظهر في منتصف الجدار الشمالي الشرقي للمسجد (جدار القبلة) تجويف لمحراب المسجد، بينما يشتمل الجداران الجنوبي والغربي على المدخلين للمسجد.
ونتج من أعمال التنقيب اكتشاف عدد من العناصر المعمارية المتمثلة في جدران ودعامات وكذلك مساطب في بعض الغرف، فضلاً عن عدد من المعثورات الأثرية، منها الفخارية والزجاجية والمعدنية، وكذلك تم العثور على كسر من الأواني الفخارية والزجاجة، تمثلت في أجزاء من حواف وأبدان وقواعد، وتم العثور على فخار مزجج بألوان مختلفة، وكذلك على أجزاء من الحجر الصابوني التي تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة والوسيطة.
مسجد جرش
يعد موقع جرش الأثري (جنوب المملكة) من المواقع التي حظيت باهتمام علماء الآثار في المملكة نظرًا لما أظهرته البحوث والاكتشافات الأثرية الأخيرة.
كما أظهرت الكشوفات الأثرية في الموقع دلائل لاستيطان بشري في شمال ووسط الموقع خلال بداية العصر الإسلامي والفترة العباسية.
وتقع مدينة جُرش الأثرية بين موقع جبل حمومة الأثري وجبل شكر بمحافظة أحد رفيدة على بعد 15 كيلاً جنوبي محافظة خميس مشيط.
وبرز في موقع جرش الأثري من خلال الأعمال الميدانية الكشف عن أساسات لمسجدين، مسجد كبير مبني فوق مسجد أسفل منه، ويعودان لفترة إسلامية مبكرة. أساساتهما من طوب الآجر، وبنيا فوق أساسات الحصن الذي يعود لفترة ما قبل الإسلام.
كما تنوعت المعثورات الأثرية بين الأواني الزجاجية والمصنوعات الحجرية وأوانٍ فخارية من فترة ما قبل الإسلام، إضافة إلى نقش على صخرة لأسد وثور مكتوب أسفل منهما بخط المسند، حيث نفذ هذا الرسم بالحفر البارز، ويرمز إلى النماء والقوة التي كانت تتمتع بها مدينة جرش آنذاك.
ودخلت جُرش الإسلام في السنة العاشرة من الهجرة، واستمر عطاؤها الحضاري حيث اشتهرت بصناعة الدبابة والمنجنيق، وزادها شهرة صناعة الأُدم. ويبدو أن المدينة بدأت تفقد وهجها الحضاري ابتداء من القرن الخامس الهجري.
مسجد العبلاء
كما كشفت أعمال التنقيب الأثري في موقع العبلاء في محافظة بيشة في منطقة عسير عن أساسات لمسجد يعود تاريخه إلى الفترة الإسلامية المبكرة، تقدر مساحته بـ616 مترًا مربعًا.
والمسجد يتوسطه محراب نصف دائري مجوف إلى الخارج، في منتصفه مساحة مكشوفة، وغرفتان جانبيتان في الجهة الجنوبية الشرقية، ربما كانت إحداهما مضيئة للمسجد، إضافة إلى الكشف عن عدد من الوحدات المعمارية المترابطة التي تحتوي على كثير من الظواهر الأثرية، من أهمها الجدران المجصصة والأحواض الدائرية ومخازن للمياه، إضافة إلى جرار فخارية ضخمة، استُخدمت لتخزين الفائض من الحبوب والمحاصيل الزراعية التي أنتجها سكان العبلاء.