وفاء سعيد الأحمري
غنت الإيطالية بيلا تشاو (وداعاً جميلتي) ولعلنا سنغنيها نحن يوماً ما بصوت واحد كدليل على انتصارنا واستلامنا أوسمة شرف نجاحنا الماسي.
وكواحدة منكم وأشعر بتوتركم وأفهم تساؤلاتكم عن مستقبل دراستكم سأكتب هنا لمبتعثين ومبتعثات أزمة كورونا وتصدر أخبار الموجة الثانية والاقفال الثالث، والذي نأمل أن يكون الأخير في المملكة المتحدة. أفهم جيداً نظرات القلق والتوتر واستفهاماتكم عن مستقبل أحلامكم. توقفت معاملنا مجدداً وتعطلت تجاربنا المخبرية أيضا وأقفلت أروقة مكتباتنا واشتقنا للأحاديث الجانبية مع أصدقائنا ومشرفينا في أروقة جامعتنا، وتعتمت الرؤية لدينا تجاه مصير أحلامنا.
لنحكي عن واقع بدون مكابرة وإن كنا نظهر عدم المبالاة والتجاهل لما يحدث, فهذا بمثابة مخدر موضعي لصدمات الحياة ونحتاج جرعات منه أحيانا لتسير مركبتنا لأنها في منتصف البحر ولن ترضى سفننا بالانهزام والعودة بدون كنز. نعم سنتحول قراصنة في سبيل الوصول لصندوقنا الذي هو على بعد بضع مترات منا.
نحن مع أطفالنا مجدداً (Home Schooling) ولدينا رغبة بالاستمرار ولا نريد العودة إلا بشهادتنا وأحلامنا وعلينا أن نحمل أحلامنا وأرواحنا على جناح طائر محلق في الأفق البعيد, ليحلق بطوعه وبمحض ارادته, بالرغم من ضبابية الرؤية، وأن يأخذ من إيمانه بربه نوراً لدربه, ومن يقينه شمعة تنير له الرؤية, ومن حبه لقيادته ووطنه وقوداً لرحلته. علينا أن نقطع طريقنا سوياً ومنكم ومني شمعة, ومن ذلك البعيد الذي يعد غداءه المتأخر لوحده شمعة، وشمعة أخرى لتلك التي تسترق الوقت عند نوم أطفالها لتكتب سطراً أو سطرين بتعب فلقد كان يومها طويلاً بين تدريس أطفالها وبين دراستها ومسؤوليتها كأم وطالبة، ومع ذلك أبت إلا أن تشارك بشمعة أيضا.
علينا أن نجمع من شموعنا ضوء شمس ثانياً، مصدره نحن، ولنصنع لنا قصة نجاح مميزة مسجلة بختم ارادتنا, ونورها كعلمنا السعودي أخضر الراية يشع أملاً كأنباء وأصداء (ذا لاين)، وسنناضل لنعيش وننجح ونسجل من تعبنا ومصيرنا أوسمة شرف متفردة بمقدار تحملنا، ولا ننسى أيضا أن نهدي شمعة إلى كل طالب في زمن المستقبل كتبت له ليفهم مشاعرنا ويأخذ من قصتنا عبرة ودرس حياة وورشة عمل وصبرا وكفاحا.
نعم فنحن بشر لا نستطيع أن تكون لدينا دائما مشاعر عالية، لا بأس هذا جزء من تكويننا البشري. وتذكروا أن السر هو بالاستمرار والإصرار، فالصبر للناجحين والتفاؤل لمحبي الحياة, لا بأس في صعود ونزول، فنحن مع كل نزول نرتد بصعود أقوى مساوية له في المقدار والقوة والشعور، ولن نقول وداعاً لأحد كما في أغنية بيلا تشاو باستثناء أننا سنقول وداعاً قريباً لصعوبات هذه الأيام. فلنصنع من دموعنا التي نمسحها أحياناً بطرف أكمامنا حبات لؤلؤ لعقد سوف نرتديه يوماً ما بفخر، وننسج من الأتربة التي اعترضت طريقنا أحرفاً ذهبية لامعة تحكي نضالنا. ومن سهرنا حكاية بألف معنى ولون وقصة وقصيدة، ومن أمواج حياتنا التي واجهتنا علامة فارقة في حياتنا نحكيها يوماً ما لأجيال من بعدنا. وسنغني بيلا تشاو بيلا تشاو وداعاً لتلك الأيام، ولن تكون الآن هذه أغنيتنا لأننا لن نودع أحلامنا بل سنواجه الأقدار بشجاعة الفرسان، ونقطف ثمار نجاحنا سوياً وبيلا تشاو التي سوف تكون من الماضي قريباً.
** **
محاضرة بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن - باحثة دكتوراه - المملكة المتحدة