د. محمد عبدالله الخازم
قام محل وجبات سريعة بمحاولة تشجيع الطلاب على القراءة، وكانت الجوائز هي الحصول على وجبة (بيتزا) أو (برجر) عند إنهاء قراءة كتاب. تسابق الأطفال في البحث عن الكتب السهلة والقصيرة لإنهائها والحصول على المكافأة. الآباء تفاخروا بعدد الوجبات المجانية التي حصل عليها البنات والأولاد. لكن بعض خبراء التربية لديهم تحفظات منها:
1. أصبحنا نتقبل أكل أبنائنا للوجبات السريعة (الجنك فوود)، فكلما حصلوا على كمية أكبر باسم الجوائز فرحنا أكثر. وتناسينا خطورة الوجبات السريعة لأنها أصبحت كم جوائز نحصل عليها.
2. أصبح الأبناء يبحثون عن الطريق الأسهل للجائزة، الوجبة السريعة. طوروا وتعلموا من بعض (التكينكات) التي تقود سريعاً إلى الحصول على الجائزة، مثل اختيار كتاب قصير أو القراءة السريعة أو تقديم ادعاءات مغلوطة حول قراءاتهم.
3. وعي القراءة والاستيعاب والاستمتاع بالمحتوى لم يعد ذا قيمة بالنسبة للأطفال، فلا أحد يناقش التفاصيل. بمعنى، تقلصت القراءة الواعية وأصبحت مجرد الحصول على جائزة.
4. ربحت المطاعم بزيادة بيع الوجبات السريعة للأطفال.
5. في خضم البحث عن الجائزة أصبح الطفل مع العائلة وليس معها خلال تناول الوجبة في محل الوجبات السريعة، لأن تركيزه أصبح معلقاً بالبحث عن الجائزة. أصبحنا نعاني ضعف التعاون بين الأطفال، ففلسفة الجوائز تقود إلى التنافس غير الصحي، أحياناً.
6. مع التكرار وضغطنا للحصول على الجوائز أصبح الطفل يشعر بحاجته إلى جائزة تثبت جدارته، بدون الجائزة لا قيمة لما يفعله.
مهلاً، ليس موضوعي تحفيز الأطفال عبر وجبات (البيتزا والبرجر) وإنما ذلك مدخل لما نفعله في موضوع التصنيفات الجامعية الدولية والجوائز الدولية والشهادات الدولية وما في حكمها. الجائزة لا يفترض أن تكون هدفاً للتعليم أو لأي جهد نقوم به، وإنما هي تقدير أو تحصيل حاصل، قد يحدث وقد لا يحدث عطفاً على معطيات الجودة وترشيح الآخرين لك. الجائزة السيئة هي التي يكون عملك مجرد البحث عنها والأسوأ تلك التي تتجاوز البحث باستخدام حيل متنوعة للحصول عليها. التصنيفات العالمية هي (الوجبات السريعة) الذي تريد وزارة التعليم تغذية جامعاتنا بها وتدفع الجميع للحصول عليها، رغم المعرفة بأنه ينقصها الدقة العلمية وبعضها حوله تساؤلات ويمكن الوصول إليه بطرق متنوعة وسريعة. السعي للتصنيفات يعني تهميش قيم وجوانب عديدة في التعليم الجامعي لا تقدرها مسابقات الوجبات السريعة وإن تفاخر الآباء بحصول أبنائهم على أكبر كم منها دون وعي بأنها تقود للتنازل عن قيم تربوية وصحية وقيمية، كما يصاحبها تدنٍ في الأداء الأكاديمي.
دخول التصنيفات ورفع رقم الترتيب جزء كبير منه عملية (تكنيك) في التقديم واختيار البيانات المقدمة وغير ذلك من الآليات وليس جودة مطلقة. استغرب عقد ورش عمل للتدريب على ذلك، مع ما يبعثه الأمر من رسائل تنافي استراتيجيات التطوير الحقيقية وتنافي أهداف وفلسفة وقيم التعليم وكفاءته التي ليس منها الحصول على جوائز الوجبات السريعة!
ختاماً، على طريقة أحد البرامج انقلوا عن الخازم قوله: «التصنيفات الدولية للجامعات أشبه بالوجبات السريعة، لا تفرطوا في تناولها، فلها أضرارها».