اللغات بوجه عام ترتبط قوتها بقوة الأمة التي تتحدث بها.. والحضارة الإسلامية حينما كانت في أوجها كانت اللغة العربية هي لغة الفكر والأدب والعلم والمعرفة بعدما استوعبت نتاج الحضارات السابقة لها وطورتها فأصبحت هي المصدر الذي اقتبست الأمم الأخرى معارفه ومصطلحاته.. في حين تراجعت اللغات المعاصرة لها كالفارسية والسريانية والرومانية.
ولما ران الجمود على العالم الإسلامي فيما بعد وحوربت العلوم الطبيعية والعقلية بذريعة دينية.. ضعفت الأمة وتقهقرت اللغة العربية وحدث مع تعاقب القرون ما نلمسه ونشاهده الآن من غلبة اللغات الأخرى وخاصة الإنجليزية. نعم لقد حفظ الله تعالى لغتنا بحفظ كتابه الكريم ولكن علينا أن نعلم أن الحفظ لا يعني غلبتها وانتشارها فذلك مرهون بعوامل أخرى من أبرزها قوة الأمة وكون هذه اللغة هي لغة العلوم والفكر والفلسفة والتكنولوجيا والمخترعات والاقتصاد..الخ
وهذه الثورة المعلوماتية والتقنية والحضارية المعاصرة لم تكن البلاد العربية موطناً لها.. لذا فإن ما أكد عليه الدكتور الحربش فيه الكثير من الصحة فاللغة العربية تحتاج إلى وقفة من الغيورين عليها بتبسيط قواعدها وتحديث قواميسها وتطويرها وترجمة ونقل المصطلحات العلمية والفكرية والفلسفية والمسميات الأجنبية للآلات والمخترعات والمكتشفات إلى اللغة العربية وتعريبها، لتستوعب لغتنا معطيات الحضارة المعاصرة ونكون عنصرا فاعلا فيها، فالطريقة التقليدية لم تعد مجدية فاسم الرائي مثلا فشل أمام التلفزيون والمذياع لم يغن عن مسمى الراديو فكان البقاء من نصيب الاسمين الأجنبيين في بلاد العرب وهكذا الكثير من المسميات فلا ضير من نقل ما تحتاجه العربية من تلك المصطلحات والمسميات بأسمائها وكما حصل في أوج الحضارة الإسلامية في الماضي.. وكذا التوسع في عمليات النحت والاشتقاق داخل اللغة العربية نفسها.. كما يحتاج الأمر بالنسبة للأجيال الجديدة تعريب ألعاب وقصص الكمبيوتر والأجهزة التقنية وبرامج الأطفال الأخرى وهي مثار اهتمام الصغار ليلتصق الأطفال بلغتهم منذ حداثة أسنانهم فيتكلمونها عند كبرهم بشكل سليم.
** **
- حمود عبدالعزيز المزيني