- معنى اسم (عَفَّار) في المعجم اللغوي (ملقح ومصلح النخل)، لكنه في الأسطر التالية لا علاقة له بهذا المعنى، شأنه شأن الاسم (صادق) وقد يكون حامل هذا الاسم غير صادق، وكذلك اسم (أمين) وليس لديه أمانة، وآخر اسمه عالم وهو أجهل الجاهلين، المهم أن صاحبنا عَفَّار ينطبق عليه المثل القائل: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع، وصاحبنا عَفَّار هذا كان عاملاً وبائعاً بسيطاً لدى فرقة مسرحية يديرها ويملكها شخص واحد هو المنتج والمؤلف والمخرج، ففي صباح اليوم الأول لعرض المسرحية بالمساء (داعس والغبراء) غاب لظرف طارئ الممثل الرئيسي بالمسرحية، مما اضطر المخرج أن يضع عفَّار مكان النجم الغائب، لمعرفته بأن عفَّار لديه القدرة على الحفظ بصورة جيدة، من خلال حضوره الدائم والمنتظم للبروفات والتدريبات بصفته عامل نظافة يؤدي خدمات جيدة للمثلين، وبعد محاولات إقناع وافق عَفَّار أن يأخذ مكان النجم، وكان أداؤه في العرض الأول وكل العروض رائعاً لدرجة أهلَّته للتحول لعالم النجومية في المسرح والتلفزيون، هي الصدفة وحدها التي قادت عفَّار للتمثيل والتي قدمها له المخرج، بعدها قرر عفَّار أن يكون التمثيل مهنته وحياته، لتبدأ رحلته مع التلفزيون بعد المسرح، محققاً شهرةً وجماهيريةً غير متوقعة، فتناولته وسائل والإعلام والتواصل الاجتماعي كمادة فنية تحقق الكسب الجماهيري. لكن عندما عايش عفَّار الوسط الفني وكواليسه عن قرب، اتضح له أن الدراما لا تخدم الناس والمجتمع، فالمسلسلات والمسرحيات يراها نوعًا من التشويه للواقع باسم الفن، ورأى أن الكثير من الممثلين بعيدون عن الفن، دخلوه من باب الصدفة كما هو حاله، عرف أن وجوه الممثلات لا تعرف إلا الماكياج، وبالتالي وجَّه عفَّار أصابع الإدانة والاتهام إلى المؤلف المخرج المنتج، ذلك الشخص الانتهازي الذي كتب النص وأخرجه وأنتجه بعيداً عن الواقع الاجتماعي المعاصر ولا يرتبط بصلة بقِيم وعادات وتقاليد المجتمع المحافظ، كل ما هو حاصل من مسلسلات ومسرحيات لا تعكس إلا واقع أهل التمثيل المتفكك. أخيراً قرر عفَّار ترك التمثيل في مفاجئة مدوية بالنسبة للفرقة والجمهور، رفض أن يستمر في تمثيل أدوار الرجل الطمَّاع أو الشرير، التي لا تعكس واقعه النفسي والاجتماعي، قرر أن يتوقف عن تشويه سمعة المجتمع بالمسلسلات والمسرحيات الهابطة، ترك النجومية والشهرة والمال وعاد إلى مكانه الطبيعي، عامل نظافة وبائع مكسرات ومشروبت للجمهور أثناء العرض المسرحي.. وفي مذكراته التي لم يكتبها وينشرها بعد، كتب تدوينه: كل شعوب العالم تستخدم الفن لإظهار أجمل ما في مجتمعاتهم من مستوى حضاري مشرق، إلا الدراما المحلية فهي تقدم الأسوأ!!
** **
- مشعل الرشيد