د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** تلقى دعوةً كريمةً للقاء جمعٍ متميزٍ فسعد بهم وتواصلت لقاءاتُه الدورية معهم، وصار واحدًا منهم حين يلتقون في مطعمٍ شعبيٍ ألْفوه ملائمًا فألِفوه، وإذ احتفوا به فقد احتفى معهم برموزٍ معرفيةٍ مضيئةٍ، وكان منهم الأساتذة: د. محمد الربيّع، د. حمد الدخيّل، أ. أحمد العلاونة، الشيخ نظر الفاريابي، الأستاذ أيمن ذو الغنى، وسواهم، ولن يكون آخرهم شيخ الوراقين الأستاذ محمد الحمدان، وما يزال اللقاءُ ممتدًا بمؤسسيه الأصدقاء د. عبدالله الحيدري، أ. سعد عايض العتيبي، د. إبراهيم الحازمي، وشيخنا المُمضى عنه محمد بن سعود الحمد.
** المفارقة أن اللقاء الأول بالأصدقاء لم يخلُ من عتابٍ وجهه «الحمد» لصاحبكم، ولم يكونا قد التقيا قبلًا، لنشر مقال في الثقافية كانت عليه ملاحظاتٌ من وجهة نظره، ولأن ذاكرة صاحبكم لا يُعوَّل عليها فقد فهم القضية شكلًا من غير أن يستوعبَها تفصيلًا، واكتفى حينها بردٍ مقتضبٍ خلاصته أننا ننشر الرأي وللمعترض أن يعقّب، والخطوط التي نقف دونها هي ما يمسُّ ثوابت الدين والوطن ومواءمة المواد لتخصص الثقافية، أما الأشخاصُ – بمن فيهم مسؤولو التحرير وكُتَّاب الثقافية – فلا حصانة لهم.
** لم يطل الجدل بل كان مفتتحَ علاقةٍ جميلةٍ مع الشيخ الحمد، وهو أديبٌ مثقفٌ ذو حضور عربيٍ قد يفوق حضوره المحلي، والظن أنه يعرف معظم الأدباء والمثقفين السعوديين والعرب، وله معهم حكاياتٌ وذكرياتٌ يَقدُمها وفاءٌ نادر ومتابعةٌ دائبة ووصلٌ ثري.
** ولعل من مواقفه التي تبرز اهتماماته علاقتَه مع الأديب العروبي المصري وديع فلسطين 1923 - فلم ينقطع عن زيارته ومهاتفته وتفقد أحواله بل والعكوف ثلاثة أعوام لجمع «سوانح» التقطها من صحيفة « الإنذار» الإقليمية التي كانت تصدر في محافظة المنيا بصعيد مصر نشرها في زمنٍ بعيدٍ حتى أُنسيها فلسطين نفسُه ووجد فيها عام 2018م أجمل إهداءٍ في عامه الخامس والتسعين فبكى وأبكى وقال: «لا أصدق أن ابنًا يأتي من الجزيرة العربية فيقرأ في دار الكتب المصرية مقالاتي القديمة فيعجب بها ويجمعها ويقوم بنشرها ويعيد لي ابنًا فقدته قبل سبعين عامًا، لقد حزت الآن متع الحياة وأنتظر لقاء الله».
** للحمد – غير هذا - موسوعة الرحلات العربية والمعربة، والقاهرة في عيون الرحالة، ومقدمات أحمد أمين، وسواها، وكل هذا في جانب يعادله جانب آخر يتمثل في «معجم كتب السير الذاتية في العصر الحديث» الذي صدر قريبًا وجمع فيه أكثر من ستة آلاف وثلاث مئة سيرة ذاتية عربية، وهو جهد كبير احتفى به دارسو السيرة وقارئوها.
** الشيخ محمد بن سعود الحمد ابن مدينة الزلفي لا يزاحم الصفوف الأولى ولا تعنيه المنابر الجماهيرية، مؤثرًا الصمت على الصوت، واثقًا أنه قد حجز مكانًا عليًّا في مسار مواكبة وخدمة الحركة الثقافية العربية، وهو مرجع مهم لإصدارات المثقفين العرب، كما هو موضع ثقة لمن يود الاستفتاء حول قديم الدوريات، وقد أفاد صاحبَكم عند بحثه عن مجلة «الكتب وجهات نظر» المتوقفة منذ أكثر من عشرة أعوام.
** الثقافة لقاءٌ وصفاءٌ وعطاء.