حوار - جابر محمد مدخلي:
«طوال أعوام سابقة كان سقف الرقيب هو المشكلة وأما اليوم فقد اختلفت المعادلة»
إن لم تكن متفرغاً للكتابة فاحمل الآخرين عليها. وإن كنت كاتباً فخذ في طريقك ألف كاتبٍ وكتاب لتغدو أنت خير معين لخدمة الإبداع والمبدعين في وطنك. كثيرة هي العبارات التي يمكنها أن تتكون داخل عقليتك وأنت أمام تجربة شابة استطاعت أن تحمي ما تبقى من النشر السعودي، والذهاب به للعلياء، والآفاق.
أن تكون كاتباً وناشراً وبين يديك مؤلفون كبار، وكل يوم يطرق دارك كتاب عملاق لمؤلف شغل الناس بإبداعه فهذا هو قدرك الجميل. ومعجب الشمري كاتب مؤسس ورئيس لدار تشكيل السعودية تلتقيه الجزيرة الثقافية لمد الجسور فيما بينه وبين قرائه ومتابعي داره، فإلى نص الحوار:
* بين الكاتب والناشر قضى معجب الشمري سنواته الفائتة فأيهما أقرب إليه؟
- معجب الكاتب كان سببًا في صناعة معجب الناشر وأعتقد بأنني مدين لمعجب الكاتب بتفاصيل كثيرة، منها هذه الحكاية.
* «في عقيدة الحُب كلنا يهود» عنوان لأحد إصداراتكم الذي واجه آراء متعددة بأوساط القرّاء .. برأيكم لماذا تمّ إقحام جملة «يهود» مع أنّ العقائد كلها تمارس الحُب؟
- تكوين الجملة كان ظاهرًا بهذا الشكل ولا يمكن تجزئة الفكرة لأن أصلها ثابت، بمعنى أن كل ما ورد في هذا الكتاب كان يُختزل في دائرة العنوان بشكل أو بآخر. طريقة وشكل فهم الجملة أمر يعود للقارئ. وهذا جزء من لعبة الكتابة، وأسلوب الكاتب.
* في إحدى الندوات شددتم على ضرورة انتقاء الناشر لإصداراته، والتدقيق جيداً فيما يطبعه.. أيعدّ هذا الأمر أحد أسباب نجاح الدار السعودية تشكيل التي تترأسون إدارتها؟
- مما لا شك فيه أن الاهتمام باختيار النص عنصر رئيس وأساسي للمساهمة في إبراز أي شركة نشر، وتشكيل منذ تأسيسها عملت على الموازنة في إبراز النص قبل الكاتب وهذا ساهم في وصولنا إلى نتائج عظيمة ومراكز متقدمة بشكل كبير.
* الناشر السعودي نادراً ما يصمد أمام دور النشر العربية الأخرى ذات الخبرة بتسويق وطباعة الكتاب .. برأيكم ما الذي يجعل دور النشر لدينا تغلق مبكراً؟
- دار النشر ليست مشروعًا تجاريًا كما يعتقده البعض، في حال كانت الرغبة بالحصول على مبالغ مالية فإن مشروع المطعم والمقهى خيار جيد. الدخل الذي يعود لدور النشر لا يعادل شيئا بالنسبة للمشاريع الأخرى. دار النشر مشروع ثقافي أولًا ويتطلب أحيانًا أن تدفع عليه أكثر مما تجني منه. يجب أن يُبنى على هذه الفكرة حتى لا يتوقف.
* من خلال تجربتكم في النشر.. ما الذي يجده المؤلف السعودي في دور النشر العربية الأخرى ليهاجر إليها بإبداعه تاركاً الدور السعودية؟
- طوال أعوام سابقة كان سقف الرقيب هو المشكلة، منع الكتب، ارتفاع أسعار الطباعة، عدم وجود كوادر عمل احترافية، اليوم فقد اختلفت المعادلة. لدينا أسماء حصدت جوائز عالمية وأسماء من العالم العربي تتجه للمملكة العربية السعودية للنشر من خلال شركات ذات عمل احترافي كتشكيل.
* هل لكم أن تحدثونا بدقة حول عدد الطبعات لبعض الكتب التي يصل عدد طبعاتها لأكثر من 50 طبعة، هل هي أرقام تسويقية؟ أم خلف هذا الأمر سر تجاري لا يعرفه غير الناشرين؟
- القارئ ذكي ومحاولة استغفاله بهذه الطرق لا يمكن أن تمر مهما كان تبريرها. أنا ككاتب عملت على إزالة كلمة الطبعة 40 مثلًا بعد أن تجاوزت كتبي أرقام مبيعات عالية حتى لا أقع في هذا الحرج مع أنها حق مشروع. لكن المشكلة في كون بعض شركات النشر تقوم بطباعة 100 نسخة كطبعة واحدة وتقديمها للقرّاء كطبعة تعادل 1000 نسخة. لدينا في تشكيل التزام مباشر مع المؤلف بالعقد تجعلنا نضع كل 1000 نسخة طبعة أولى وبعضها تصل إلى 3000 نسخة للطبعة الواحدة. الأمر يعود لثقة الناشر بنفسه ومصداقيته مع القارئ والمؤلف. بالنهاية هي حيلة قديمة وسوق النشر على معرفة بمن تحقق مبيعاته أرقاما عالية ومن يستخدمها كحيلة تسويقية نتائجها العكسية وخيمة.
* من خلال متابعتي وجدتُ أنّ دار تشكيل هي من أكثر الدور السعودية استقطاباً للمؤلفين السعوديين كُتّاباً وكاتبات ، هل أصبحتم مصدراً للثقة والأمان الجاذبين لهذا المؤلف الذي تتقاسمه دور النشر؟
- عملنا على تقديم تشكيل ضمن خارطة العمل كونها شركة تقدّم الصورة الحديثة والقيمة الثقافية والأدبية قبل الاهتمام بعنصر الكاتب لشخصه وهذا أحد أهم ركائز النجاح التي جعلتنا نجني ثماره بوقت قصير، يمكنك أن تزور مكتبتنا وترى على رف واحد كتابًا للفائز بأكبر جائزة أدبية عالمية، بجانب كتاب لمؤلف في بداية مسيرته الأدبية وكلاهما صدرا عن دار تشكيل. الصفة المشتركة بين المبتدئ في النشر والمحترف هي جودة العمل وقيمته الأدبية والثقافية. القيمة الحقيقية التي نحاول نشرها هي إبراز العمل دون النظر للكاتب بذاته.