محمد آل الشيخ
من أهم الملاحظات التي لاحظتها على المنشقين السعوديين في الخارج الذين يُسمون أنفسهم بالمعارضة، أنهم لا يقرؤون مآلات أسلافهم قراءة موضوعية وعقلانية، لذلك فهم لا يتعظون، ويكررون أخطاء من سبقهم بغباء، ويجدون من يستثمرهم، بل ويرشيهم، وهم في غيهم وغبائهم وحماقاتهم يعمهون. كما لاحظت أنهم يقفون مع كل أعداء الوطن، ومن يتربص بأبناء الوطن، ومن يعمل بكل ما أوتي من قوة وثروة لهدم البلاد وتفكيك لحمتها، وإذكاء الحروب الأهلية فيها، رغم أن (بعضهم) اعترف بخططه التدميرية عندما ظن أنه في مأمن فاعترف بمراميه البعيدة فتحدث عنها القريب والبعيد. ورغم كل ذلك تراهم في نهجهم لا يحيدون عنه قيد أنملة.
الدول الراسخة والمتجذرة، والقوية في بنيتها الاقتصادية، يستحيل أن تسقط، أو حتى يهتز استقرارها، وينفلت حبل أمنها، نتيجة لصغير أو حتى كبير يجعجع هنا أو هناك، أو غلام خائن تم استئجاره لخدمة أجندة أجنبية، ولنا نحن السعوديين تجارب طويلة مع هؤلاء الخونة الانتهازيين، ورأينا رأي العين كيف باءت محاولاتهم ومؤامراتهم بالفشل، وبقيت المملكة كالطود الشامخ المستقر الذي يكاد أن يلامس السحاب.
وعندما فشلوا انتهجوا التحريض على المملكة، والتشهير بقادتها، وإلصاق التهم بها، في محاولة يائسة وبائسة للاستعانة بالغرب ليعينهم ويحقق طموحاتهم.
والمملكة تربطها بالغرب عموماً وبالولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص علاقات استراتيجية متينة ومتجذرة، لا تتغير بذهاب حزب أو مجيء آخر، ولن يُضحي بها هذا الزعيم (لإغاظة) ذلك الزعيم المنافس، والمملكة -شاء من شاء وأبى من أبى- تتحكم فيما يزيد على عشرة بالمائة من احتياطات النفط في العالم، وبالتالي فإن استقرارها واستتباب الأمن فيها، مطلب عالمي، يرتبط به استقرار الأوضاع الاقتصادية في العالم أجمع، لا سيما والعالم من أقصاه إلى أقصاه يعاني الآن من انتكاسات اقتصادية شملت كل دول العالم، الغنية منها والفقيرة، وهذا ليس ادعاء لا تسنده الحقائق وإنما يتفق معي فيه كل خبراء العالم الاقتصاديين. وغني عن القول إن (المصالح) هي التي توجه القرارات السياسية، ويحسب لها السياسيون ألف حساب.
أحد (أغيلمة) المنشقين المشردين يعتقد المسكين أن جعجعته في مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت كفيل بهز أمن واستقرار المملكة، وأن بايدن، ومعه كوادر الحزب الديمقراطي الأمريكي، سيضحون بالمملكة، والعلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، وأيضاً لن يكترثوا باستقرار إمدادات الطاقة، ويقفون معه ومع من يدعمه ويموله؛ وهذه سذاجة سياسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالولايات المتحدة الأمريكية أو الدول الغربية عموماً تقف معنا، لا شغفاً بعيوننا نحن السعوديين، ولكن لأننا نملك من الأوراق السياسية المؤثرة ما يحسب لها ألف حساب. أضف إلى ذلك، وهي نقطة في غاية الأهمية، أن هؤلاء المنشقين ينضوون من حيث التصنيف تحت الأحزاب المتأسلمة التي كان للغرب معهم تجارب سياسية فاشلة، سواء عندما تولوا الحكم في مصر وباءوا بالفشل، أو في السودان، أو المتأسلمون الشيعة في إيران الذين كانوا من أهم أسباب لا استقرار المنطقة برمتها، حيث هم من دعموا وساندوا الإرهاب، وجعلوا بلادهم ملاذاً آمناً لابن لادن وجماعته.
وأخيراً لهؤلاء المنشقين، كهولهم وصبيانهم على السواء، أقول: لن يضحي الأمريكيون بدولة مستقرة مثل المملكة، وينصرونكم. ورحم الله من عرف قدر نفسه.
إلى اللقاء